متناقضان، فيلزم اجتماع النقيضين أو ارتفاعهما، وترجيح أحدهما محُال؛ لأنَّ الرأي السديد في العلوم أنها لا تتفاوت إلا بحسب كون بعضها أَجْلَى أو أَقرب حصولًا أو أشد استغناء عن التأمل.
قيل: فَعَلَى مقتضَى هذا قد يدخل الترجيح بالنسبة إلى الأذهان؛ لأنه المقصود وإنْ كان لا يدخل بالنسبة إلى ما في نفس الأمر.
وكذلك لا تَعارض بين قاطع وظني؛ لِمَا قدمناه من استحالة وجود ظن في مقابلة تيقُّن خِلافه, فالقاطع هو المعمول به، وذاك لَغْو.
وكذلك لا يتعارض حُكم مجمع عليه مع حكم آخر ليس مجمعًا عليه، وهو معنى قولي:(كَالْقَطْعِيِّ مِنْ مُجْمَعٍ)، أي: عليه. فحذفت صِلَته؛ للعِلم بها.
وقولي:(مَعْ غَيْرِهِ الظَّنِّيِّ) أي: مع غير المجمع عليه الذي هو ظني، فَـ "الظني" بَدَل مِن "غيره"؛ لأنَّ المعرفة تبدل من النكرة وغير نكرة؛ لأنها لتوغلها في الإبهام لا تتعرف بالإضافة، فيكون على حد قوله تعالى: {إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٥٢) صِرَاطِ اللَّهِ} [الشورى: ٥٢ - ٥٣]. ولا يعرب صفة؛ لأنَّ النكرة لا تُوصَف بالمعرفة، إلا أن يقال: المحلَّى بِـ "أل" وإنْ كان معرفة لفظًا ثمنه نكرة معنًى، بدليل وَصْفه بالجملة وهي نكرة، كما في قوله:(ولقد أَمُرُّ على اللئيم يَسبُّني).
فأما حالة التعادل وهي التي لا ترجيح فيها فالكلام فيها في أمرين:
أحدهما: في محله.
والثاني: في حُكمه.
فأما الأول (ولم أذكره في النَّظم؛ لِقلة جدواه في الفقه) فالتعادل إما في الأذهان وإما في نفس الأمر.