وهو نفيس؛ لأنَّ الظن هو الطرف الأرجح، فلو عُورِض بِطَرف آخَر راجح، لَزِمَ أن يكون كل منهما راجحًا مرجوحًا، وهو محُال.
أما الثاني:
وهو حُكم التعادل حيث جَوَّزنا وقوعه ووقع ففيه مذاهب:
أحدها (وهو الأرجح): التخيير، وهو معنى قولي:(فَالْمُجْتَهِدُ مُخَيَّرٌ). وبه قال القاضي أبو بكر وأبو علي وابنه أبو هاشم. ومن هنا جاز للعامي أن يستفتي مَن شاء مِن المفتيين ويعمل بقوله كما سيأتي.
الثاني: أنهما يتساقطان، ويجب الرجوع إلى غيرهما، وهو البراءة الأصلية. وإليه ذهب كثير من الفقهاء، ويؤيده ما رجحه أصحابنا في مسألة تَعارض البَيِّنتين، لكن لا يَلزم منه محذور، وهذا يَلزم منه تعطيل الأحكام.
الثالث: الوقف، وذلك كتعارض البَيِّنتين (على قَولٍ).
الرابع: إنْ وقع التعادل في الواجبات فالتخيير، إذ لا يمتنع التخيير فيها في الشرع، كمن ملك مائتين من الإبل يُخيَّر بين إخراج أربع حقاق أو خمس بنات لبون. وإنْ وقع بين حُكمين متناقضين كإباحة وتحريم، فحُكمه التساقط والرجوع إلى البراءة الأصلية.
نعم، في جريان قول الوقف في عمل نفسه بعيد جدًّا كما قاله الهندي؛ إذِ الوقف فيه لا إلى غاية تنتظر؛ إذْ لا يُرجَى [منه ظهور الرجحان](١)، بخلاف التعادل الذهني، فإنه لا يَبعُد الوقف إلى أنْ يظهر المُرَجِّح. والله تعالى أعلم.