لمجتهد بالنسبة إلى المقلِّد. فإنْ كان أحد القولين أو الأقوال متأخرًا وعُلِم تَأخُّره فهو قول المجتهد الذي يُقْضَى بكونه مذهبه، ويكون الأول مرجوعًا عنه؛ ولهذا لا يُعْمل إلا يقول الشافعي الجديد الذي هو بمصر، ورواه عنه الربيع في "الأم" والبويطي والمزني وجمعٌ كثيرٌ، لا بالقديم الذي في بغداد وصنف فيه كتاب "الحجة"، ورواه عنه أحمد وأبو ثور والكرابيسي والزعفراني، فلا يُعمل به سوى مواضع فإنه يُفْتَى بها على القديم؛ لقوته وإنْ كان في غالبها نظر؛ لكونها منصوصة في الجديد أيضًا، فتُنسَب إليه. وقد أُفْرِدَت بالتصنيف، ومحل بيانها كُتب الفقه.
نعم، ذهب بعض الأصحاب إلى أن المجتهد إذا كان له قولان -قديم وجديد- لابُدَّ أنَّ ينص على الرجوع عن القديم. فإنْ لم ينص على ذلك فلا يكون رجوعًا. حكاه الرافعي في "باب صلاة الجماعة".
فإنْ لم يُعلم المتأخر فيُحكَى عنه القولان ولا يُحكم عليه بالرجوع عن أحدهما بِعَيْنه. ثم مَن كان أهلًا للترجيح من أصحابه له طلب الأرجح بما يظهر له من قواعده.
أما إذا نَص على القولين فصاعدًا في موضع واحد:
- فإما أنْ يعقب أحدهما بما يُشْعِر برجحانه، كقوله:(وهذا أَشبه)، ولو بالتفريع عليه، فيكون ذلك هو قوله.
- وإما أنْ لا يذكر ما يُشعر بترجيح، فيكون ذلك دليلًا على تَوقُّفه في المسألة؛ لعدم ترجيح أحد الحكمين.
ثم قوله مثلًا:(فيها قولان) أو: (أقوال) يحتمل أن يريد على سبيل التجويز والاحتمال، ويحتمل أن يريد فيها مذهبان لمجتهدين أو أكثر. وعلى كل حال لا يُنسب إليه شيء من القولين أو الأقوال. كذا قاله الإمام في "المحصول" وأتباعه.