ومعرفة أهليته إما بأنْ يكون قد شاع ذلك وذاع مِن غير نكير، وإمَّا بأنْ يَغْلب على الظن أهليته باشتهاره بذلك أو برؤيته منتصبًا للفتوى والناس مُسْتَفْتون مُعَظِّمون له.
فإذا لم يَعرف المستفتي أهلية مَن يستفتيه ولا حاله في العدالة فالمختار أنَّه لا يجوز له استفتاؤه، بل ينبغي أنْ يُقْطَع فيه بالمنع، فقد قال الهندي: إنَّ الخلاف فيه في غاية البُعد؛ لأنَّ العلماء وإنِ اختلفوا في قبول رواية المجهول وشهادته فلوجود ما يقتضي امتناع فِسْقه ظاهرًا وهو الإسلام الوازع عن الفِسْق والمعاصي، وأما مجهول الحال في الفتوى فليس فيه ما يقتضي حصول العِلم ظاهرًا، لاسيما العِلم المُنتهِي به إلى رُتبة الإفتاء.
وأيضًا: فالأصل العامِّيَّة، والعالِمِيَّة على خِلاف الأصل.
وأيضًا: فالأغلب العوام، والعلماء قليل.
وإنَّما يظهر ذلك لو وقع التردد في عدالته فقط، فيتجه حينئذ الخلاف.
قلتُ: ولهذا أوجبوا على المستفتي والمقلِّد البحث عن عِلمه بسؤال الناس.
وقيل: يكتفي بالاستفاضة بين الناس. وهو الراجح في "الروضة"، ونقله عن الأصحاب.
وأما "العدالة" ففيها احتمالان للغزالي، أَشْبَههما الاكتفاء بظاهر الحال؛ لأنَّ الغالب من حال العلماء العدالة.
قال النووي رحمه الله: (وهذان الاحتمالان وجهان ذكرهما غيره، وهُما في "المستور"، وهو الذي