للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ولذلك اخترت ذِكره مثالًا؛ لأنه على خلاف دليل تحريم المزابنة، وهو بيع الرطب بالتمر (١). ومثله جواز [القراض] (٢) والمساقاة والإجارة؛ لأنها عقود على معدوم، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "لا تَبع ما ليس عندك" (٣). وفيها غَرَر، وقد نُهي عنه، وكذا السَّلَم؛ فإنه بَيْعُ مَعْدُوم، وفي بعض الروايات: "نَهى - صلى الله عليه وسلم - عن بيع ما ليس عندك، وأَرْخَصَ في السَّلَم" (٤). ولا يَخْفَى ما في هذه العقود كلها مِن (٥) العُذر ومحل الاحتياج إليها.

نَعَم، تَردَّد الغزالي في "المستصفى" في كَوْن السَّلَم رُخصة؛ لاحتمال أنه داخل في "لا تَبع ما ليس عندك"، واحتمال أنَّ المراد به العين، والسلَم بيع دَيْن؛ فلم يدخل.

قال: (فاشتراكهما في [الشرط] (٦) لا يوجب إلحاق أحدهما بالرخص، وعلى هذا يَكون قول الراوي: "وأَرْخص في السَّلَم" مجازًا؛ [لمشابهته] (٧) الرخص) (٨).

ويَقْرُب مِن هذين الاحتمالين وجهان حكاهما الماوردي في باب السلَم: هل هو أصل


(١) صحيح البخاري (رقم: ٢٥٩١)، صحيح مسلم (رقم: ١٥٣٦).
(٢) كذا في (ص)، لكن في (ز): القرض.
(٣) سنن أبي داود (٣٥٠٣)، سنن الترمذي (١٢٣٢) وغيرهما. قال الألباني: صحيح. (إرواء الغليل: ١٢٩٢). وانظر: البدر المنير (٦/ ٤٤٨).
(٤) قال الحافظ ابن حجر في كتابه (الدراية في تخريج أحاديث الهداية، ٢/ ١٥٩): (لم أجده هكذا. نعم، هُما حديثان، أحدهما: "لا تَبع ما ليس عندك " .. ، ثانيهما: الرخصة في السلم. ولم أَرَه بهذا اللفظ، إلَّا أن القرطبي في "شرح مسلم" ذكره أيضًا). انتهى
(٥) هنا انتهى الجزء الساقط مِن (ت).
(٦) في (ص): اللفظ.
(٧) كذا في (ش)، لكن في (ص، ز): لمشابهة.
(٨) المستصفى (ص ٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>