للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الشرح: هذه المسألة هي المعَبَّر عنها في الأصول والفقه بِـ "ما لا يتم الواجبُ إلا به فهو واجب"، وربما قِيل: ما لا يتم المأمور إلَّا به يكون مأمورًا به، وهو أَجْوَد مِن حيث إنَّ الأمر قد يَكون للندب فتكون مقدمته مندوبة، وربما كانت واجبة كالشروط في صلاة التطوع إلَّا أنه لَمَّا وَجَب الكف عن فاسِد الصلاة عند إرادة التلَبُّس بالصلاة مَثَلًا، وَجَب ما لا يتم الكَفُّ مع التلبُّس إلَّا به؛ فَلَمْ يخرج عن "ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب".

وإذا اتضح الأمر في مُقَدِّمة الواجب [أنها واجبة] (١)، عُدِّي إلى المندوب بما يليق به من الأمرين كما قررناه؛ فلذلك عَبَّرت في النَّظم بِـ "الواجب".

والحاصل: أنَّ ما يتوقف عليه الفعلُ الواجبُ إمَّا أنْ يَكون جُزءًا للواجب، وإمَّا خارجًا عنه كالشرط والسبب.

فالأول واجبٌ اتفاقًا؛ لأنَّ الأمر بالماهيَّة المركبة أمرٌ بكل واحد مِن أجزائها ضِمنًا، فالأمر بالصلاة -مَثَلًا- أمر بما فيها مِن [ركوع وسجود] (٢) وغير ذلك.

والثاني هو محل الخلاف، وأصحُّ الأقوال فيه الوجوب مطلقًا، لكن بشرطين:

أحدهما: أنْ يَكون دليل وجوبه مُطْلَقًا، لا مقيَّدًا بحالة وجود المتَوَقَّف عليه، كالحج، فإنه مشروط بالاستطاعة، وكالزكاة، فإنها مشروطة بِمِلْك النصاب وبالحول، وكالجمعة، فإنَّ صحتها مشروطة بالجماعة والوطن ونحو ذلك.

قلتُ: التمثيل بالجمعة ظاهر؛ لأنَّ صحة فِعلها متوقف على ذلك، أمَّا الزكاة والحج فإنَّ المتوقِّفَ على ما ذُكِر فيهما إيجابُ الفعل، لا [صحة] (٣) الفعل، والكلام إنما هو فيما


(١) ليس في (ص).
(٢) في (ش): الركوع والسجود.
(٣) مِن (ض، ق، ت).

<<  <  ج: ص:  >  >>