للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تحداهم بسورةٍ بقوله تعالى: {فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ} [البقرة: ٢٣] أَيْ: مِن مِثل القرآن، أو مِن مِثل النبي - صلى الله عليه وسلم -. فلمَّا عجزوا، تحدَّاهم بِدُون ذلك وهو قوله تعالى: {فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ (٣٤)} [الطور: ٣٤].

واكتفيتُ بقولي: (بل سُورة) عن عَشر سُوَر؛ لأنَّ مَن لا يَقْدر على سُورة، أَوْلى أنْ لا يَقْدر على أكثر منها.

وأَتيتُ بِقَولي: (بل آية) لإفادة أنَّ التحدي وقع بِدون السورة، خِلافًا لمن خالف في ذلك كما سأبينه، فلذلك لم أَكْتَفِ به عن السورة؛ لأنَّ ذاك مُصَرَّحٌ به في قولي: (بل سورة).

وأما قوله عَزَّ وَجَلَّ: {فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ} [فيحتمل] (١) تنزيله على المنصوص بالتعيين وهو القرآن، أو عشر سُوَر، أو سُورة.

نَعَم، اختُلف في الإعجاز بالسورة، فقال الآمدي في "الأبكار": (التزم القاضي في أحد جوابيه الإعجاز في سورة الكوثر وأمثالها؛ تَعلُّقا بقوله تعالى: {فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ}. والأصح ما ارتضاه في الجواب الآخَر، وهو اختيار الأستاذ أبي إسحاق وجماعة من أصحابنا أنَّ التحدي إنما وقع بسورة تبلغ في الطول مَبْلغًا تبين فيه رُتَب قوي البلاغة؛ فإنه قد يَصْدر مِن غَيْر البليغ أو ممن هو أدنى في البلاغة من الكلام البليغ ما يماثل بعض الكلام البليغ المصادر عَمَّن هو أَبْلَغ منه، وربما زاد عليه) (٢).

قال: (فيتعين تقييد الإطلاق في قوله: {فَأْتُوا بِسُورَةٍ}؛ لأنَّ تقييد المطلق بالدليل واجبٌ) (٣). انتهى


(١) في (ت، ق): فيحمل.
(٢) أبكار الأفكار (٤/ ١٣١).
(٣) أبكار الأفكار (٤/ ١٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>