للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كأن المارد منهم يخرج عن جملتهم ويبعد [منهم] لتمرُّده. ومثله قولهم: شَاطِر وشُطَّار. لأنهم كانوا يبعدون عن منازلهم. فسُمِّي بذلك كلُّ من فَعَلَ مثل فعلهم وإن لم يَعْزُب عن أهله. قال طرَفَة:

في القوم الشُّطُرْ (١)

أي: البعداء.

والدليل على أن النون من شيطان من نفس الحرف قول أمية بن أبي الصلت في وصف سليمان النبي صلى الله عليه-:

أَيُّمَا شَاطِنٍ عَصَاهُ عَكَاهُ ... ثُمَّ يُلْقَى في السجْنِ والأغْلالِ (٢)

فجاء به على فاعل من شطن.

* * *

٧- وقوله {يَتَوَفَّى الأنْفُسَ} (٣) هو من استيفاء العدد واستيفاء الشيء إذا استقصيته كله. يقال: توفيته واستوفيته. كما يقال: تيقَّنت الخبر واسْتَيْقَنْتُه، وتثبَّت في الأمر واسْتَثْبَتُه. وهذا [هو] الأصل. ثم قيل للموت: وفاة وتوف.


(١) في ديوان طرفة ٧٢:
ففداء لبني قيس على ... ما أصاب الناس من سر وضر
خالتي والنفس قدما إنهم ... نعم الساعون في القوم الشطر
وفي الخزانة ٤/ ١٠٢ "قال شارح ديوانه: الأعلم الشنتمري: يقول: نفسي فداء لبني قيس على ما أصاب الناس من أمر يسرهم أو يضرهم. والسر والضر: السراء والضراء، وقوله: في القوم الشطر، يعني البعداء من الناس الغرباء، وواحد الشطر: شطير. وأصل الشطير الناحية وكل من بعد عن أهله فقد أخذ في ناحية من الأرض. يقول: سعيهم في الغرباء أحسن سعي".
(٢) البيت له في اللسان ١٧/ ١٠٥، ١٩/ ٣١٥ وعكاه: شده في الوثاق.
(٣) سورة الزمر ٤٢. وفي اللسان ٢٠/ ٢٨٠ "أي يستوفى مدد آجالهم في الدنيا، وقيل: يستوفى تمام عددهم إلى يوم القيامة".

<<  <   >  >>