للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَمَنْ يَعْشَ) بنصب الشين (١) أراد: [من] يعم عنه. وقال في موضع آخر: {الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاءٍ عَنْ ذِكْرِي} (٢) .

ولا أرى القول إلا قولَ أبي عبيدةَ. ولم أر أحدًا يُجيز "عَشَوْتُ عن الشيء: أعرضتُ عنه؛ إنما يقال: "تَعاشَيْتُ عن كذا"؛ أي تغافلتُ عنه كأني لم أره. ومثله: "تعامَيْتُ".

والعرب تقول: "عَشَوْتُ إلى النار" إذا استدللتُ إليها ببصر ضعيف (٣) قال الحُطَيْئة:

مَتَى تَأْتِهِ تَعْشُو إلَى ضَوْءِ نارِهِ ... تَجِدْ خَيْرَ نَارٍ عنْدَهَا خَيْرُ مُوقِدِ (٤)

ومنه حديث ابن المسيّب: "أن إحدى عينَيْهِ ذهبتْ وهو يَعْشُو بالأخرى"؛ أي يبصر بها بصرًا ضعيفًا (٥) .

٤٤- {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ} أي شرفٌ لكم؛ يعني القرآن (٦) .

{وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ} عن الشكر عليه.


(١) كابن عباس وعكرمة ويحيى بن سلام البصري. على ما في القرطبي ١٦/٨٩، والبحر ٨/١٥-١٦. وانظر الطبري ٢٥/٤٤.
(٢) سورة الكهف ١٠١.
(٣) قال أبو منصور الأزهري في التهذيب - على ما في اللسان ١٩/٢٨٧ - بعد أن ذكر هذا: "أغفل القتيبي موضع الصواب، واعترض - مع غفلته - على الفراء يرد عليه. فذكرت قوله لأبين عواره، فلا يغتر به الناظر في كتابه. والعرب تقول: "عشوت إلى النار أعشوعشوا، أي قصدته مهتديا به وعشوت عنها، أي أعرضت عنها" فيفرقون بين "إلى" و"عن": موصولين بالفعل" ثم نقل عن أبي زيد وأبي الهيثم ما يثبت ذلك ويؤكده. وقال القرطبي ١٦/٩٠: "والقول قول أبي الهيثم والأزهري". وقد انتصر الطبري ٢٥/٤٣-٤٤ لرأي الفراء، ونقله عن قتادة.
(٤) البيت له: في ديوانه ٢٥، واللسان ١٩/٢٨٦. وغير منسوب: في القرطبي ١٦/٨٩. وبعجز آخر - هو:
*تجد حطبا جزلا ونارا تأججا*
- في الطبري. وهو بيت آخر مشهور.
(٥) كما في اللسان ١٩/٢٨٦، والنهاية ٣/٨٩.
(٦) كما في تأويل المشكل ١١١، وتفسير القرطبي ١٦/٩٣، والطبري ٢٥/٤٦ وما تقدم ص ٣٧٦.

<<  <   >  >>