للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فالقُرُوء في هذا البيت: الحِيَضُ. يريد: أن عدواته تَهِيجُ في أوقات معلومة، كما تحيض المرأة لأوقات معلومة.

وإنما جُعل الحيضُ قرأً والطهر قرأً: لأن أصل القرء في كلام العرب: الوقت. يقال: رجع فلان لقرئه، أي لوقته الذي كان يرجع فيه. ورجع لقارئه أيضا. قال الهذَليّ:

كَرِهْتُ العَقْرَ عَقْرَ بَنِي شُلَيْلٍ ... إذا هَبَّت لقارِئِها الرِّياحُ (١)

أي لوقتها. فالحيض يأتي لوقت، والطهر يأتي لوقت.

{وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ} يعني: الحمل (٢) .

{وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ} ؛ يريد: الرجعة ما لم تنقض الحيضة الثالثة.

{وَلَهُنَّ} على الأزواج، {مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ} للأزواج.

{وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ} فِي الْحَقِّ {دَرَجَةٌ} أي: فضيلةٌ (٣) .


(١) البيت لمالك بن الحارث، كما في ديوان الهذليين: ٣/٨٣، والأضداد لابن الأنباري ٢٢ ومعجم ما استعجم للبكري ٣/٩٥٠ وغير منسوب في تفسير الطبري ٤/٥١١ وتفسير القرطبي ٣/١١٣ واللسان ٦/٢٧٦ والعقر: اسم مكان كرهه لأنه قوتل فيه. وفسره الأصمعي بالقصر، وأنشد البيت شاهدا عليه كما في معجم ما استعجم. وشليل: جد جرير ابن عبد الله البجلي.
(٢) راجع قول الشافعي في الأم ٥/١٩٥ وأحكام القرآن ١/٢٤٨.
(٣) وقيل: بل تلك الدرجة: الإمرة والطاعة، وقيل غير ذلك. قال أبو جعفر الطبري ٤/٥٣٥ "وأولى هذه الأقوال بتأويل تلك الآية ما قاله ابن عباس، وهو أن "الدرجة: الصفح من الرجل لامرأته عن بعض الواجب عليها، وإغضاؤه لها عنه، وأداء كل الواجب لها عليه. . . وهذا القول من الله وإن كان ظاهره ظاهر الخبر، فمعناه معنى ندب الرجال إلى الأخذ على النساء بالفضل، ليكون لهم عليهن فضل درجة" وانظر بقية كلام الطبري، فهو رائع بالغ الروعة، دقيق عظيم الدقة.

<<  <   >  >>