للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

«وإنما لامرئ ما نوى»، فالعمل الشرعي التكليفي الذي وُجِد منه هو الوقوع على زوجته. والثاني نوى الوقوع على أمه شهوة فالعمل الشرعي الذي وُجِدَ منه هو الزنا بأمِّه. والثالث: نوى الوقوع على أمه تقربًا إلى الله تعالى في زعمه، فالعمل الذي وجد منه هو الزنا بأمه تقربًا إلى الله تعالى في زعمه.

وهاهنا انتهى معنى الحديث, فأما الأحكام فتطلب من غيره, فحكم الثاني أنه مندوب أو مباح, وحكم الثالث أنه حرام من أكبر الكبائر، عليه التفسيق والحد، وحكم الرابع من جهة كالثالث, ومن جهة أنه كفر لاستحلاله الحرام المقطوع به وكذبه على الله تعالى، وتكذيبه بآياته وتكذيبه لرسوله، ولو كان المعنى ما توهَّمه الجهال لكان عمل الرابع يكون قربة يرجى لصاحبه الثواب. وذلك قريب مما توهّمه المشركون فيما حكى الله تعالى عنهم من قولهم: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [الزمر: ٣].

والحاصل أن مَن نوى التقرُّب إلى الله تعالى بعملٍ لا بدَّ من النظر في الأدلَّة الشرعيَّة، فإذا دلَّت على أن ذلك العمل بذلك القصد قربة فهو قربة، وإذا دلَّت على أنه ليس بقربة ففعلُه له بنيَّة التقرب وبالٌ عليه؛ لما فيه من الكذب على الله تعالى والتكذيب بآياته وغير ذلك ... (١).

فإن قيل: فقد عُلِمَ من الشريعة أن المباح يصير قربة بالنية الصالحة، بل بعض المكروهات، وكذا بعض المحرمات إذا تعينت طريقًا لدفع مفسدة أعظم منها.

قلت: نحن لم ننف ذلك، وإنما قلنا: لا بدَّ من دليل شرعيٍّ على أن هذا


(١) هنا نحو كلمتين لم تظهرا في الأصل، وكلمة: (ففعله) لم تظهر كاملةً.