للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العصمة للسلف كما مرَّ، فأولى من ذلك أن لا تثبت للخلف، فإذا لم يكف في أصول العقائد تقليدُ أحد من السلف فتقليد الخلف أولى ألا يكفي.

واعلم أن الله تعالى قد يوقع بعض المخلصين في شيء من الخطأ ابتلاء لغيره أيتبعون الحق ويدَعون قوله أم يغترُّون بفضله وجلالته؟ وهو معذور بل مأجور؛ لاجتهاده وقصده الخير وعدم تقصيره؛ ولكن من تبعه مغترًّا بعظمته بدون التفات إلى الحجج الحقيقية من كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم فلا يكون معذورًا، بل هو على خطر عظيم.

[٨٣] ولما ذهبت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها إلى البصرة قبل وقعة الجمل, أتبعها أمير المؤمنين علي عليه السلام ابنه الحسن وعمار بن ياسر رضي الله عنهما لينصحا الناس، فكان من كلام عمَّار لأهل البصرة أن قال: والله إنها لزوجة نبيكم صلَّى الله عليه وآله وسلَّم في الدنيا والآخرة، ولكنَّ الله تبارك وتعالى ابتلاكم بها ليعلم إيَّاه تطيعون أم هي (١).

ومن أعظم الأمثلة في هذا المعنى مطالبة فاطمة عليها السلام بميراثها من أبيها صلَّى الله عليه وآله وسلَّم (٢)، وهذا ابتلاء عظيم للصِّدِّيق رضي الله عنه، ثبَّته الله عزَّ وجلَّ فيه.

وأهل العلم إذا بلغَهُم خَطَأ العالم أو الصالح وخافوا أن يغترَّ الناس


(١) البخاريّ، كتاب الفتن، باب ١٨، ٩/ ٥٦، ح ٧١٠٠. [المؤلف]
(٢) أخرجه البخاري في كتاب فرض الخمس, باب فرض الخمس, ٤/ ٧٩, ح ٣٠٩٢. ومسلم في كتاب الجهاد والسير, باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا نورث ما تركنا فهو صدقة» ٥/ ١٥٣, ح ١٧٥٩.