فلم يبق إلا أن تقول: أحكم لذلك الولد بأنه كافرٌ أصليٌّ، فيُقال لك: أنت خبيرٌ أن كلامنا إنما هو في المنتسبين إلى الإسلام الذين لا ترميهم بالكفر إلا لتلبُّسهم بتلك المحدثات التي تراها شركًا ويزعمون أنها مما أذن الله تعالى فيه، وتعلم أن هؤلاء القوم لا يميز الولد منهم إلا وقد تلقن الشهادتين وأحبَّ الإسلام واغتبط به وعزم أن يدين به حتى يموت، فإن فرضت أنه في صغره محكوم له بالكفر الأصلي فإنه يسلم قبل أن يبلغ، وإذا بلغ استمرَّ على ذلك، وقد تقدَّم (١) أنه يكفي الكافر للدخول في الإسلام والحكم له به ما هو أقلُّ من ذلك.
فقد اتضح بحمد الله سبحانه أنه ما مِنْ منتسبٍ إلى الإسلام ممن ترميه بالكفر لتلبُّسه بتلك المحدثات فقط إلا وقد ثبت له حكم الإسلام، وهذا ما أردنا بيانه.
فصلٌ
مَن ثبت له حكم الإسلام ثم أعلن عن نفسه أنه قد رغب عن الإسلام وتركه فأمره واضحٌ، وهذه هي الردَّة المكشوفة. وأما مَن يدَّعى أنه مستمرٌّ على الإسلام فإنه لا يُحْكَم عليه بالردَّة إلا بحجَّةٍ واضحةٍ؛ إذ الأصل بقاء ما كان على ما كان. وإذ كان كلامنا إنما هو في العبادة فالمثال الواضح فيها أن يصرِّح بأنه يتَّخذ مع الله إلهًا أو يعبد غيره على الحقيقة، [ز ٤٠] وهذه الدرجة هي حال أهل الجاهليَّة كما تقدَّم، ويليها أن يتلبَّس بما هو تأليهٌ وعبادةٌ لغير