ــ والله أعلم ــ إلى تلك الأشياء، بأن يقولوا: نحن لا نعبدها لذاتها وإنما نعبدها تعظيمًا للأشخاص التي هي تماثيل لهم مثلًا.
وأيضًا، لو كانوا يعبدون التماثيل بهذا القصد لكانوا يعبدون تلك الأشخاص التي هي تماثيل لهم، وإذًا لجاء في محاجَّة إبراهيم عليه السلام ذِكْرُ ذلك كما جاء عن نبينا عليه الصلاة والسلام وغيره من الأنبياء، بحيث إن غالب ما جاء عن نبينا عليه الصلاة والسلام في القرآن لا يكاد يوجد فيه ذكر الأصنام، وإنما كلامه مع المشركين في الملائكة والبنات الخياليَّات.
وقد قيل: إن قوم إبراهيم عليه السلام كانوا يعبدون التماثيل على أنها تماثيل أو تذاكر أو رموز [س ٨٧/ب] للكواكب، واحتُجَّ له بقصَّة إبراهيم عليه السلام في الكواكب وقوله:{هَذَا رَبِّي} وتعقيبه ذلك بقوله: {يَاقَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ}[الأنعام: ٧٨]، فدلَّ بذلك أن شركهم له علاقة بالكواكب.
وقال بعد ذلك:{وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا}، فدلَّ هذا أنهم كانوا يخافون شركاءهم ويخوِّفون إبراهيم عليه السلام إيَّاهم، ويَبْعد هذا أو يَمْتَنِع في حق الأصنام؛ لأنهم كما تقدَّم اعترفوا أو كادوا بأنها لا تضرُّ ولا تنفع.
ويشهد لهذا أنه قد عُرِف الآن من دين البابِليِّين القدماء وهم الصابئة ـ وإلى أهل بابل بُعث إبراهيم عليه السلام ــ أنهم كانوا يؤلِّهون زُحَل والمشتري والمِرِّيخ والزُّهَرة وعُطارِد، وعندهم أن لزُحَل صورةً تُصَوَّر برأس إنسان وجناحي طائر، وللمِرِّيخ صورة أسد برأس إنسان وجناحي طائر، وقِس [س ٨٩/أ] الباقي، ثمَّ يمثلون لها تماثيل بتلك الصور التي تخيَّلوها أي: