للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[١٦٥] تفسير الإله بالمعبود

الآيات القرآنيَّة الدالَّة على ذلك كثيرةٌ، قد تقدَّم بعضها في أوائل الرسالة في بيان اشتراط أن يكون التشهد على سبيل الالتزام، فراجعه. فأما أقوال أهل العلم، فقد سبق عن بعض علماء التوحيد أن حقيقة معنى الإله: المعبود بحق، وفسره بعضهم بالمستحق للعبادة، وبينَّا بحمد الله تعالى أن تعبير المتكلمين عن واجب الوجود بالإله وقول السنوسى: "إن معنى الإله: المستغني عن كلِّ ما سواه" إلخ، وما يؤخذ من كلام جماعة أن الإله هو الخالق أو المدبِّر استقلالًا، لا ينافي ذلك.

وهذا المعنى هو المعروف عند المفسرين والمحدِّثين والفقهاء وأهل اللغة وغيرهم.

قال الإمام أبو جعفر بن جرير في تفسيره: "وأما تأويل قول الله: (الله) فإنه على معنى ما روي لنا عن عبد الله بن عباس: هو الذي يألهه كلُّ شيء ويعبده كلُّ خَلْق، وذلك أن أبا كريب حدثنا ... عن عبد الله بن عباس قال: (الله) ذو الألوهية والعبودية على خلقه أجمعين ...

فإن قال: وما دلَّ على أن الألوهية هي العبادة وأن الإله هو المعبود وأن له أصلًا في فعل ويفعل؟ قيل: لا تَمَانُعَ بين العرب في الحكم لقول قائلٍ يصف رجلًا بعبادة ويطلب مما (١) عند الله جلَّ ذكره: يأله [تأَلَّه] (٢) فلان، بالصحة [ولا] (٣) خلاف. ومن ذلك قول رؤبة بن العجاج:


(١) في طبعة محمود شاكر ١/ ١٢٣: "وبِطَلَبِ ما"، وهو أجود.
(٢) تصحيح من المؤلِّف للنسخة التي نقل منها.
(٣) ما بين المعقوفين ساقط من نسخة كتاب العبادة، واستدركتها من تفسير ابن جرير بتحقيق محمود شاكر.