للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تطيقه، قال: والله لئن آتاني الله مالًا لأوتِينَّ كلَّ ذي حقٍّ حقَّه، فدعا له، فأوتيَ المال، فكان نهايتُه أن أنزل الله تعالى فيه: {فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ} [التوبة: ٧٧] (١).

وفي هذا تنبيهٌ على سرٍّ عظيمٍ، وهو أن الله تعالى أرحم بعباده من أنفسهم، وهو سبحانه أعلم منهم بما يُصلحهم. وقد أباح الله عزَّ وجلَّ للعبد أن يدعوه بما شاء، قال تعالى: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: ٦٠]، وقال: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} [البقرة: ١٨٦]، والله تعالى لا يخلف الميعاد، ولكنه إذا عَلم أنَّ ما سأله العبد يعود عليه بالمضرَّة لو أوتيه يمنعه إيَّاه، ويجعل إجابته لتلك الدعوة نعمةً أخرى للسائل خيرًا له مما سأل (٢).

وفي صحيح مسلمٍ عن أبي هريرة قال: قال النبيُّ صلَّى الله [٥٢١] عليه وسلَّم: «لا يزال يُستجاب للعبد ما لم يدعُ بإثمٍ أو قطيعة رحمٍ، ما لم يستعجل»، قيل: يا رسول الله، ما الاستعجال؟ قال: «يقول: قد دعوتُ، قد دعوت، فلم أر يُستجاب لي؛ فيستحسر عند ذلك ويدع الدعاء» (٣).


(١) انظر: أسباب النزول. [المؤلف]. للواحديّ ٢٥٢، ولباب النقول للسيوطيِّ ١١٥. والحديث أخرجه الطبري (١١/ ٥٧٨) وابن أبي حاتمٍ (٦/ ١٨٤٧) وغيرهما من طريق عليّ بن يزيد الألهانيّ، وهو متروكٌ، وضعَّفه العراقيّ في تخريج الإحياء (٣/ ٢٧٢) وابن حجرٍ في فتح الباري (٣/ ٢٦٦). وحكم ببطلان القصة ابن حزم في المحلى ١١/ ٢٠٨. وانظر السلسلة الضعيفة ٤/ ١١١ برقم ١٦٠٧.
(٢) يعني أنه يُعطى عوض تلك الدعوة ما هو أولى له عاجلًا أو آجلًا.
(٣) صحيح مسلمٍ، كتاب الذكر والدعاء ... ، باب بيان أنه يستجاب للداعي ما لم يعجل ... ، ٨/ ٨٧، ح ٢٧٣٥ (٩٢). [المؤلف]