للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشيطان في أعمالهم".

ثم أخرج عن الربيع قال: أشركوه في أعمالهم.

ثم قال: "والقول الأول ــ أعني قول مجاهد ــ أولى القولين في ذلك بالصواب، وذلك أن الذين يتولَّون الشيطان إنما يشركونه بالله في عبادتهم وذبائحهم ومطاعمهم ومشاربهم لا أنهم يشركون بالشيطان، ولو كان معنى الكلام ما قاله الربيع لكان التنزيل: (الذين هم مشركوه) [٣٢٨] إلا أن يوجِّه موجِّه معنى الكلام إلى أن القوم كانوا يدينون بألوهيَّة الشيطان ويشركون بالله به (١) في عبادتهم إياه" (٢).

ثم أيَّد ما اختاره أوَّلًا بما حاصله: أنَّ المتكرر في القرآن ذِكْرُ إشراك غير الله بالله وليس فيه ذكر إشراك الله بغيره.

أقول: وأقوى من هذا أنَّ المفهوم من الآية {وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ} ذمُّ الإشراك, ومعنى الإشراك بالله عبادة غيره معه، وعلى هذا فيكون معنى الإشراك بالشيطان عبادة غيره معه، وعبادة غير الشيطان معه لا تكون موردًا للذَّمِّ ولاسيما إذا قلنا: المراد عبادة الله تعالى مع الشيطان، ولكن حمل الآية على ما اختاره ابن جرير بعيد من جهة بُعد مرجع الضمير ومخالفة الضمائر التي قبله.

ويظهر لي أن معنى الآية هكذا: إنما سلطان الشيطان على الذين يتولَّونه بأن يعبدوه وحده, وعلى الذين هم بالشيطان مشركون [٣٢٩] بأن يعبدوا غيره


(١) الصواب: (ويشركون الله به) بحذف الباء منه [المؤلف].
(٢) ١٤/ ١٠٧ - ١٠٨. [المؤلف]