للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذلك، حتى إنه قال له ذلك في خمس صلواتٍ (١).

ولكن يجب أن تعلم أنه ليس كل نسيان وخطأ معفوًّا؛ فإنَّ مَنْ تشاغل بلهو محرَّم أو مكروه فأنساه الصلاة ليس بمعذور. وكذلك مَنْ سمع آية فَهِمَ منها حُكْمًا، فعمل به، وأفتى، واستمرَّ على ذلك، ولم يتدبَّر القرآن والسنن الثابتة مع احتمال أن يكون فيها ما يخالف فَهْمَه. فكأنَّ النسيان والخطأ إنما يُعذر بهما إذا انتفى التقصيرُ، ولكن التقصير أمر مشتبه؛ فإن العلماء صرَّحوا بأنه يكفي المجتهد أن يبحث حتى يغلب على ظنه أنَّه لا مخالف لما فهمه، وغلبةُ الظن أمر يتفاوت، وهكذا المشقَّة التي إذا وُجِدَتْ في الشيء صدق أنَّه لا يُطاق هي أمر غير منضبط أيضًا، ولكننا نتتبَّع أمثلةً مما ثبت فيه عُذْرُ مَن جرى منه ما لولا العذرُ لكان كفرًا، فأقول: قد سبق أنَّ الكفر كلَّه يرجع إلى الكذب على الله تعالى والتكذيب بآياته.

[٦٤٠] فمِمَّن يُعْذَر إجماعًا مَنْ كَذَبَ على الله تعالى بقوله فقط بسبق اللسان، كما تقدَّم في الحديث الصحيح، «فقل: اللهم أنت عبدي وأنا ربك، أخطأ من شدة الفرح»، وقد تقدَّم (٢).

ومَن تلا آية كان يعتقد أنه يحفظها فزاد فيها أو نقص أو غيَّر شيئًا فيها على سبيل الخطأ، فإذا نُبِّهَ اعترف بأنَّه أخطأ، ومثل هذا في الأحاديث.

ومَن أُكْرِه وقلبه مطمئنٌّ بالإيمان بشرط ألَّا يظهر منه ما يدلُّ على


(١) انظر: صحيح البخاريِّ، كتاب الصلاة، بابٌ: كيف فُرِضَت الصلاة في الإسراء؟ ١/ ٧٩، ح ٣٤٩. وصحيح مسلمٍ، كتاب الإيمان، باب الإسراء بالرسول، ١/ ١٠٣، ح ١٦٣. [المؤلف]
(٢) انظر ص ٨٥٦.