نعم قد يترجَّح عذره في بعض الأحوال، كأن نشأ بقطر اتفق مَن به من المنتسبين إلى العلم على أن ذلك الفعل مستحب، وإنما بلغه أنه شرك عن رجل ببلد آخر وعلماء ذلك القطر يردُّون عليه ويخطِّئونه ويشدِّدون النكير عليه، وليس لهذا العامي مُكنةٌ في البحث والنظر. والله المستعان.
فصل
إذا تقرَّر أنَّ السلطان الفارق بين عبادة الله تعالى وعبادة غيره قد يكون ظنيًّا في نفسه ولكنه يستند إلى أصل قطعي؛ فإنه يدخل فيه سائر الأدلة التي يحتج بها الأئمة المجتهدون، على ما هو مبسوط في أصول الفقه. وما اختلف فيه منها أدليل هو أم لا فالمدار على ما ترجح أو قامت به الحجة. فمن احتج بدلالة الاقتران مثلًا على فعل بأنه عبادة، فإن كان قد نظر في الأصول وترجح له بأن دلالة الاقتران حجة فهي سلطان في حقه حتى تقام الحجة عليه بأن دلالة الاقتران ليست بحجة. وهكذا من تمسك بدليل صالح في نفسه ولكنه عارضه ما هو أقوى منه فإنه على سلطان حتى يعلم بالمعارض وتقوم عليه الحجة بأن المعارض أقوى. وهكذا من كان له معرفة بالكتاب والسنة ففهم من آية أو حديث معنى فهو سلطان له حتى تقوم عليه الحجة بخطئه في فهمه أو بوجود معارض لِما فَهِمَه أقوى منه. وكذلك مَن كان له معرفة بالحديث ورجاله فظهر له صحة حديث فهو سلطان له حتى تقام عليه الحجة بضعف ذلك الحديث أو بأنه عارضه ما هو أقوى منه.
والحاصل: أن السلطان هو الحجة التي يُحْتَجُّ بها في فروع [٦٢٣] الفقه، فكل حجة في فروع الفقه سلطان.
حتى التقليد في حق العامي فهو سلطان له حتى تقام عليه الحجة بأن