للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ــ والله أعلم ــ أنَّ زعمكم أنَّ التشبُّث بتلك الشبهة يصلح (لإثبات) [س ١٣٥/ب] كون ما أنتم عليه حقًّا يحبه الله ويرضاه ليس إلا توهُّمًا وتخمينًا أو كذبًا لعلمكم ببطلان ذلك كما تقدَّم.

وتركُ اليقين لمجرد التخرُّص والتخمين جهلٌ واضح، فدَعُوا ذلك وأخبروني: هل عندكم من دليل علميٍّ بأنَّ ما أنتم عليه من الشرك وتحريم بعض الأشياء حق يحبه الله ويرضاه؟، فلم يبق بيدهم إلَّا الشبهة الثانية وهي التقليد. قال تعالى في الموضع الثالث: {بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ (٢٢) وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ (٢٣) قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ (٢٤) فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (٢٥)}.

فأبطل الله عزَّ وجلَّ شبهة التقليد بثلاثة أمور:

[س ١٣٦/أ] الأول: ما سبق ذكره أنَّ ترك اليقين لمجرَّد التخرُّص والتخمين جهل، والتقليد مبنيٌّ على تخرُّص وتخمين، لأنَّ أساسه تعظيمهم لآبائهم واستبعادهم أن يكونوا على ضلال.

الثاني: الإخبار بأنَّ الأمم الغابرة كانت تقول مثل هذا، أي: ومشركو العرب يعترفون بنبوَّة المتقدِّمين أو بعضهم، وضلالِ مكذِّبيهم، فإذا تأمَّلوا هذا عرفوا سقوط شبهة التقليد.

الثالث (١): قوله: {قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ}، يريد


(١) في الأصل: (الثالثة) , وهو سبق قلم.