للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لأكثم بن الجون الخزاعي (١): يا أكثم، رأيت عمرو بن لحي بن قمعة بن خندف يجر قصبه في النار .... إنه كان أول من غيَّر دين إسماعيل فنصب الأوثان وبحر البحيرة وسيب السائبة ووصل الوصيلة وحمى الحامي (٢).

وبعده قال ابن هشام: حدثني بعض أهل العلم أن عمرو بن لحي خرج من مكة إلى الشام في بعض أموره، فلما قدم مآب من أرض البلقاء وهم يومئذ العماليق رآهم يعبدون الأصنام، فقال لهم: ما هذه الأصنام التي أراكم تعبدون؟ قالوا له: هذه أصنام نعبدها فنستمطرها فتمطرنا ونستنصرها فتنصرنا، فقال لهم: أفلا تعطونني منها صنمًا فأسير به إلى أرض العرب فيعبدونه، فأعطوه صنمًا يقال له: هبل، فقدم به مكة [٢٩٢] وأمر الناس بعبادته وتعظيمه (٣).

وفي روح المعاني في تفسير قوله تعالى: {وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ} [سبأ: ٤٠] (٤) ما لفظه: "وتخصيصهم ــ أي الملائكة ــ بالذكر لأنهم أشرف شركاء المشركين الذين لا كتاب لهم، والصالحون عادة للخطاب، وعبادتُهم مبدأُ الشرك بناء على ما نقل ابن الوردي في تأريخه (٥) من أنَّ سبب حدوث عبادة الأصنام في العرب أنَّ


(١) تقدَّمت ترجمته.
(٢) سيرة ابن هشام ١/ ٤٧، [المؤلف]. والحديث سبق تخريجه في ص ٩٧.
(٣) المصدر السابق.
(٤) هكذا كتب المؤلف الآية بالنون في (نحشرهم) و (نقول) على قراءة الجمهور عدا يعقوب وحفص، فإنهما قرآ بالياء. انظر: النشر ٢/ ٢٥٧. ولعل المؤلف كان يقرأ بقراءة أبي عمرو.
(٥) ١/ ٦٥.