للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيبقى مَنْ لا خير فيه، فيرجعون إلى دين آبائهم» (١).

أقول: هو صريح في أنه بعد بعث الريح يعمّ الكفر وتُعبد اللات والعزى، وأما قبل ذلك فلا يَعُمُّ ولا تعبد اللات والعزى، ولكنه يقع من بعض الناس الكفر بغير ذلك، كما بيّنته الأحاديث الأخرى، والله أعلم.

وأما حديث أحمد عن شدَّاد بن أوس، وفيه: « ... قلت: يا رسول الله: أتشرك أمتك من بعدك؟ قال: «نعم، أما إنهم لا يعبدون شمسًا ولا قمرًا ولا حجرًا ولا وثنًا، ولكن يراؤون بأعمالهم، والشهوة الخفية» (٢)، ففي سنده (٣) عبد الواحد بن زيدٍ القاصّ وهو مجمع على ضعفه، كما في تعجيل المنفعة ولسان الميزان. والله أعلم (٤).

فصل

[٥٣] وإذا كان الأمر كما علمت في تقليد العلماء؛ فما بالك بتقليد المنسوبين إلى الخير والصلاح بدون أن يكونوا أئمة في العلم؟ وقد كان في السلف الصالح كثير من الزهاد والعباد، فلم يكن الناس يرجعون إليهم ولا إلى أقوالهم في الأمور العلمية، وإنما كانوا يرجعون إليهم في دقائق الورع، وترقيق القلوب، ومداوة النفوس، ونحو ذلك.

وأنت خبير أنَّ التقليد في المسائل الظنيات شرطه أن يكون لمجتهد


(١) مسلم، الموضع السابق، ٨/ ١٨٢، ح ٢٩٠٧. [المؤلف]
(٢) المسند ٤/ ١٢٣.
(٣) أصاب هاتين الكلمتين بللٌ فلم تظهرا كاملتين، والمثبَت اجتهادٌ منِّي.
(٤) انتهى ملحق ص ٥٢.