للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويعتقدون في الكواكب أن فيها أرواحًا عُلويَّة تدبِّرها وتدبِّر الكون بواسطتها, وأن تلك الأرواح من خلق الله عزَّ وجلَّ وفي ملكه، ولكنه فوَّض إليها التدبير، فهي تتصرف بإرادتها فتنفع مَن يتقرَّب إليها وتضرُّ مَن ينهى عن التقرُّب إليها, كما يرون أن الإنسان كذلك بحسب ما عنده من الاستطاعة [س ٩٨/ب] كما علمته من قصة المحاجِّ.

فأما اعتقادهم في الشيطان فلم يظهر شيء يخالف اعتقاد الناس.

وقول الخليل عليه السَّلام: {يَاأَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ} إنما يدلُّ على أنهم عبدوا الشيطان، وعبادة الشيطان سيأتي تحقيقها في فصلٍ مستقلٍّ، إن شاء الله تعالى (١). وأهمُّها: طاعته فيما يسوِّل به للإنسان من شرع دينٍ لم يأذن به الله أو طاعة مَن يشرع ذلك.

أما أعمالهم فالذي دلَّ عليه القرآن أنهم كانوا يعكفون للأصنام، حيث قالوا: {نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ}، وقال إبراهيم: {مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ}، ويقرِّبون لها الأطعمة كما تقدَّم آنفًا، ويدعونها على ما يظهر من قوله تعالى في سورة مريم حكاية عن خليله عليه السلام: {وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ}، والآيات التي قبلها في شأن الأصنام, [س ٩٩/أ] وقد يحتمل أن المراد بـ {مَا تَدْعُونَ} الكواكب، واعتزالُه إيَّاها مستلزم اعتزاله الأصنام؛ إذ ليست إلا تماثيل للكواكب ووسيلة إليها.


(١) انظر ص ٧٢٥.