للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من الله عزَّ وجلَّ ولا قضاءٍ كأنه ينكر [س ٩٧/ب] وجود الشمس وجريانها بمصالح العباد، أو يزعم أنه هو الذي يجريها، فأمَّا الأول فلا سبيل إليه، فلم يبق إلا زَعْم أنه هو الذي يجريها.

وعلى هذا، فإنما بُهِت الذي كفر لقيام الحجة على عجزه عن قتل أحدٍ أو إطلاق أحدٍ بغير قضاء الله عزَّ وجلَّ وقَدَره، لا لأنه أعني الذي كفر عاجزٌ عن الإتيان بالشمس من المغرب، فإنه لم يدَّع ذلك, والله أعلم.

وهناك معانٍ أُخر حُمِلت عليها القصَّة لا يطمئن القلب إلى شيء منها. والله أعلم.

وقد رُوي أن المحاجَّة كانت قُبيل إلقاء إبراهيم عليه السلام في النار؛ فإن صحَّ فيكون الله عزَّ وجلَّ جعل في ذلك جوابًا فعليًّا قريبًا لإبطال شبهة الذي كفر، والله أعلم.

بقي أن قول إبراهيم عليه السلام للأصنام: {أَلَا تَأْكُلُونَ} يدلُّ أنَّ القوم كانوا يضعون عندها الأطعمة، فعلامَ يدلُّ ذلك؟

أقول: يظهر أنهم كانوا يَعُدُّون ذلك نوعًا من عبادتها مع علمهم أنها لا تأكل، وإنما يأكل ذلك الطعام [س ٩٨/أ] سَدَنتها، ومثل هذا جارٍ إلى الآن عند بعض أمم الشرك، وبعض المسلمين يفعلون مثل ذلك عند القبور يجيئون بالسمن والبيض وغير ذلك ويضعونها عند القبر وهم يعلمون أن ذلك إنما يأخذه خَدَمة القبر وينتفعون به.

فخلاصة ما تقدَّم أن قوم إبراهيم عليه السلام لم يكونوا يعتقدون في الأصنام نفسها (١) نفعًا ولا ضرًّا، وإنما عبدوها على أنها تماثيل للكواكب.


(١) كذا في الأصل.