مشتبهٌ جدًّا ــ كما ستراه إن شاء الله تعالى ــ، فعلمتُ أن ذلك [٢] الاشتباه هو سبب الخلاف، وإذا الخطر أشدُّ مما يُظَنُّ؛ لأن الجهل بمعنى (إله) يلزمه الجهل بمعنى كلمة التوحيد: (لا إله إلا الله)، وهي أساس الإسلام وأساس جميع الشرائع الحقَّة من قبل، قال الله عزَّ وجلَّ:{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ}[الأنبياء: ٢٥].
وقد دلَّ الكتاب والسنة والإجماع والمعقول على أنَّه لا يكفي النطق بها بدون معرفة معناها. وإيضاح ذلك أن الاعتداد بالنطق بها له شروطٌ:
منها: أن يكون على سبيل الاعتراف؛ للقطع بأن المشرك إذا نطق بها حكايةً عن غيره لا يُعْتَدُّ بذلك؛ كالمسلم إذا نطق بكلمة الكفر حكايةً عن غيره، وأنت خبير أن العبارة لا يُحْكَم بكونها اعترافًا حتى يُعْلَم أن المتكلِّم بها يعرف معناها، فلو أثبت زيدٌ على إنسانٍ أعجميٍّ أنه قال: أنا رقيقٌ لزيدٍ، ووجدنا هذا الأعجميَّ لا يعرف العربيَّة ولا يعرف معنى هذه العبارة، وإنما لقَّنوه إيَّاها بدون إعلامه بمعناها، لم يُعْتَدَّ باعترافه، وهذا مما لا خلاف فيه أصلًا.
[ب ٢] ومنها: العلم بمضمونها، والعلم هو الذي يُعَبِّرُ عنه أهل الكلام بالتصديق، وقيل: التصديق أخصُّ، قال الله تبارك وتعالى:{فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ}[محمد: ١٩].