للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد قُرئ: {مناءة} بالمد [٣٠٣]، ويحتمل على هذا أن يكون مشتقًّا من النَّوْء وهو النهوض، كأنها تنهض بعابدها في زعمهم، والله أعلم.

ثم رأيت ياقوتًا في "معجم البلدان" (١) ذكر وجوهًا لاشتقاق مناة، أوَّلها: أنها من المَنَى وهو القدَر، كما قلناه، والحمد لله.

وقد يجوز أن يكون أصل اللات على ما روي عن ابن عباس ثم خُفِّفت التاء، وتُنوسي ذلك الأصل وصار المعروف بين العرب أنَّ اللات اسم لأنثى معظَّمة، وهذا الصنم أو الصخرة تذكار لها، ولعلَّ هذا أولى من غيره.

وعلى كلِّ حالٍ فتأنيثهم أسماء هذه الأصنام يدلُّ مع ما مرَّ أنها عندهم تماثيل أو تذكارات لإناث معظَّمات، وعسى أن تقول: إنَّ الحديث المتقدِّم في شأن العُزَّى يدلُّ أنَّ تلك الإناث من الشياطين، فأقول: سيأتي في بحث عبادة الشياطين ما يوضح لك الحقيقة إن شاء الله تعالى.

وتلخيصه: أنَّ عبادتهم للشياطين كانت من وجهين:

الأول: طاعتهم لهم فيما يسوِّلون لهم متَّخذين ما يسوِّلونه لهم دينًا.

الثاني: أنَّ الشياطين يعترضون العبادات لتكون في الصورة لهم، ومن ذلك قيام الشيطان دون الشمس عندما [٣٠٤] يسجد لها الكفار ليكون السجود صورةً له، فقضية العُزَّى من هذا، والله أعلم. وانتظر تمام هذا قريبًا إن شاء الله تعالى.

والحقيقة هي أنَّ الأوثان التي كان الكفار يطلقون عليها اسم اللات والعزى ومناة كانت عندهم تماثيل أو تذكارات للإناث المزعومات وهي قولهم: إنَّ لله بناتٍ هي ــ في زعمهم ــ الملائكة, وعبدوها كما تقدَّم بيانه بما


(١) ٥/ ٢٠٤.