للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تعظيمًا لمن هي تماثيل أو تذكارات لهم، فإلقاء الأصنام في النار لا تظهر منافاته للإلهية التي زعموها لها.

[٣٣٥] وأما من قال: لفظ (ما) عامٌّ يشمل الشياطين والأحبار والرهبان وغيرهم ممن عبد من دون الله, واستثني من ذلك الملائكة والمسيح ونحوهم بقوله: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ} [الأنبياء: ١٠١] فهذا قول ضعيف:

أوَّلًا: لأنَّ اللفظ ليس بلفظ الاستثناء.

ثانيًا: إن في سياق ذلك قوله: {وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ ... وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ}، فهذا يدل أنهم غير الملائكة.

وثالثًا: ما رُوي أن قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى} متأخِّر النزول.

فالحقُّ ما تضمنه الحديث أن المراد بكلمة (ما) الشياطين، لأنَّ الكلام مع قريش فلم يدخل عيسى ونحوه ممن عبده اليهود والنصارى وغيرهم من الأمم غير العرب. والعرب وإن كانت تزعم أنها تعبد الملائكة، فهي في الحقيقة إنما كانت تعبد إناثًا متوهَّمة تزعم أنها بنات الله وأنها الملائكة، وتلك الإناث ليست في الحقيقة الملائكة. وإلى هذا أشار بقوله: "فأنزل الله فيما ذكروا أنهم يعبدون الملائكة وأنها بنات الله".

فثبت بهذا أنَّ الأشخاص الغيبيَّة التي عبدها العرب ليست هي الملائكة [٣٣٦] لأنها إناث والملائكة ليست كذلك، ولأنها بنات الله في زعمهم وليست الملائكة كذلك.