للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فعبادتهم في الحقيقة إنما هي عبادة للشياطين، أوَّلًا: لما تقدَّم مرارًا أنهم أطاعوا الشياطين الطاعة التي هي عبادة، وسيأتي تحقيقها إن شاء الله تعالى. ثانيًا: أن الشياطين أنفسهم تصدَّوا لهذه العبادة قائلين: إن هؤلاء يعبدون إناثًا غيبيات وليس هناك إناث غيبيات إلا من الشياطين, فعرَّضوا إناثهم لتلك العبادة, كما أشرنا إليه في الكلام على العُزَّى، وسيأتي له مزيد إن شاء الله تعالى.

وقد صرَّح القرآن بما ذكر في قوله تعالى: {وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ (٤٠) قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ} [سبأ: ٤٠ - ٤١] (١). وقد مرَّ الكلام عليها في أوائل فصل الملائكة. والله تبارك وتعالى أعلم.

وقال سبحانه: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى [٣٣٧] وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ (١١) يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُ وَمَا لَا يَنْفَعُهُ ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ (١٢) يَدْعُو لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ لَبِئْسَ الْمَوْلَى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ} [الحج: ١١ - ١٣]. وقد سبقت هذه الآيات في فصل الملائكة، ذكرنا هناك أن المراد بـ (مَن ضَره أقربُ من نفعه): أنه الشيطان، وأن الآية كنظائرها.

ومنها قوله تعالى: {إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا} [النساء: ١١٧].


(١) هكذا كتبها المؤلف برواية أبي عمرو، كما سبق في ص ٥٦٧.