للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بأسمائهم، وكان القصدُ من ذلك أن يُذكروا إذا رُئيت تماثيلهم فيذكر ما كانوا عليه من الخير والصلاح؛ فيكون ذلك أنشط لمن رآها أن يعبد الله عز وجل، كما أنَّ المسلم إذا قرأ سيرة بعض الصالحين أكسبه ذلك رقة في القلب ونشاطًا في العبادة وعمل الخير.

وقد أخرج أبو الشيخ في العظمة عن محمد بن كعب القرظي أنه قال: "كان لآدم خمسة بنين: ودٌّ وسواع [إلخ] (١)، فكانوا عُبَّادًا، فمات رجل منهم، فحزنوا عليه حزنًا شديدًا، فجاءهم الشيطان، فقال: حزنتم على صاحبكم هذا؟ قالوا: نعم، قال: هل لكم أن أصور لكم مثله في قبلتكم إذا نظرتم إليه ذكرتموه؟ قالوا: نكره أن تجعل لنا في قبلتنا شيئًا نصلي إليه (٢)، قال: [٣٥٠] فأجعله في مؤخر المسجد، قالوا: نعم، فصوَّره لهم، حتى ماتوا (٣) خمستهم، فصور صورهم في مؤخر المسجد، فنقصت الأشياء حتى تركوا عبادة الله تعالى وعبدوا هؤلاء" (٤).

فلم يكن المتقدمون يعتقدون في تلك التماثيل ولا يعملون أكثر من أن يتذكروا برؤيتها فيتذكروا ما كان عليه أولئك الصالحون فينشطوا لعبادة الله تعالى، وقد احتاطوا حيث لم يجعلوا التماثيل في مقدَّم المسجد، ولكن ما الذي طرأ في متأخِّريهم؟

أمَّا أن يعتقدوا أنها تخلق وترزق فقد مرَّ إبطاله.


(١) ما بين المعقوفتين من روح المعاني، وقد سبق هذا النقل بهذه الزيادة في س ٥٥/أ.
(٢) في الأصل والمصدر المنقول منه: "عليه", والتصحيح من العظمة.
(٣) في روح المعاني: مات.
(٤) روح المعاني ٩/ ١٨١. [المؤلف]. وانظر: الدرّ المنثور ٨/ ٢٩٤. وهو في كتاب العظمة، خلق آدم وحواء عليهما الصلاة والسلام، ٥/ ١٥٩٠ - ١٥٩١، ح ١٠٥٤.