شيء، والقائم على كل شيء، أشركتم به {مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا}، أي ــ والله أعلم ــ أن كونه تعالى منفردًا بالربوبية الحقيقية وغيرها من الصفات التي لا تنكرونها يقتضي أن لا يعبد غيره، فإن توهَّم متوهم أنه يجوز عبادة غيره فإنه لا يتوهَّم أن يجوز ذلك إلا بعد إذنه عزَّ وجلَّ، وهو لم يأذن لكم بعبادة الكواكب؛ لأن إذنه تعالى إنما يُعلم بأن ينزل سلطانًا، [س ٩٥/أ] وهو لم ينزل سلطانًا بالإذن بعبادة ما تعبدون.
{فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٨١) الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ}، أي ــ والله أعلم ــ بشرك؛ لأن الكلام إنما هو فيه، وبذلك ورد التفسير عن النبيِّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم (١)، {أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ}.
وأمَّا ما قصَّه الله عزَّ وجلَّ في الذي حاجَّ إبراهيم في ربه، فقول إبراهيم عليه السلام:{رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ}، يحتمل وجهين:
إمَّا أن يكون جوابًا عن سؤال المحاجِّ له مَنْ ربُّك؟ كما حكى الله عزَّ وجلَّ عن موسى وفرعون: {قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَامُوسَى (٤٩) قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى}.
وإمَّا أن يكون المحاجُّ هدَّد إبراهيم عليه السلام بالقتل إن لم يطعه، ووَعده
(١) أخرجه البخاري في كتاب التفسير, سورة الأنعام, باب: {وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} , ٦/ ٥٦ - ٥٧, ح ٤٦٢٩. ومسلم في كتاب الإيمان, باب صدق الإيمان وإخلاصه, ١/ ٨٠, ح ١٢٤, من حديث ابن مسعود رضي الله عنه.