آلهتهم أنهم ينشرون من الأرض, كما نصَّ الله عزَّ وجلَّ على ذلك في آيات كثيرة، ويجمعها {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى}[الزمر: ٣]، ولكنَّ الآية تعريض بجهلهم كأنه يقول: لو اتخذوا آلهة يظنون أنها تنشر من الأرض لكان جهلُهم أخفَّ من أن يتخذوا آلهة ليسوا كذلك.
أقول: فكذا قوله عزَّ وجلَّ: {أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ} فهي استفهام عن شأنهم في عبادتهم الأصنام، أي: أم هل اتخذوا معبودات يعتقدون أنها تشفع لهم؟ فإن كان ذلك فهاك الجواب:{أَوَلَوْ كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلَا يَعْقِلُونَ} والآية الثانية على ما قاله الإمام الرازي وغيره (١).
وعلى هذا فليس في الآية أنَّ المشركين كانوا يزعمون أنَّ الأصنام [س ١٢٠/أ] شفعاء، وإنما الآية تعريض بهم أي أنهم لو عبدوا شيئًا يظنون أنه يشفع لهم لكان جهلهم أخفَّ من أن يعبدوا شيئًا لا يرجون منه شفاعة وهو الأصنام. فالمشركون يجيبون بأنهم وإن كانوا لا يرجون من الأصنام أنفسها شفاعة فإنهم يرجون من الأشخاص التي هي تماثيل أو تذاكر لهم، وعبادتهم لها إنما هي ذريعة لعبادة أولئك الأشخاص. فيُنْتَقَل إلى محاجَّتهم في أولئك الأشخاص.
وقبل أن نخرج من بحث الأصنام نذكر سؤالين مهمَّين:
الأول: قد جاءت آثار كثيرة في شأن اللَاّت تخالف ما تقدَّم، ففي صحيح البخاري وغيره عن ابن عباس قال: كان اللات رجلًا يلتُّ سَويق