للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكانوا يزورون الأصنام من الأماكن البعيدة ويطوفون بها كما يطوفون بالكعبة (١)، وكانت الأوس والخزرج يُهِلُّون لمناة الطاغية ثم يجيئون إلى الصَّفا والمروة فيسعون بينهما (٢). والله أعلم.

[س ١٢٥/أ] اعتقادهم في الملائكة

اعلم أنَّ أكثر الناس في غفلة عن كون مشركي العرب جميعهم أو غالبهم كانوا يعبدون الملائكة، وأنت إذا تدبَّرْتَ ما تقدَّم من الآيات في فَصْلَي التأليه والعبادة في الملائكة والإناث الخياليَّات فإنهما واحد عند المشركين [وأهل] (٣) النحل المتقدمين, والآيات الآتية في فصل الدعاء إن شاء الله تعالى علمت ذلك قطعًا. وفي القرآن آيات أخرى, فنجد القرآن يفرد في بعض المواضع محاجَّتهم في نسبة الولد إليه، وفي بعضها في جعل الولد إناثًا وفي بعضها في جعل الملائكة إناثًا، وفي بعضها في عبادة الملائكة, فيمكننا أن نقول: إنَّ الأقسام أربعة: الثلاثة الأولى تتعلَّق بذوات الملائكة، والرابع بعبادتهم، وإفراد القرآن كلَّ واحد منها بالإنكار يَدُلُّ أنَّ كلَّ واحد من الأقسام بهتان على حِدة. وتخصيص الإناث بهتان آخر أي بحيث لو فُرض جواز نسبة الولد إليه عزَّ وجلَّ لكان جَعْلُ ذلك الولد إناثًا بهتانًا؛ لأنَّ اتِّخاذه تعالى ولدًا إناثًا أشدُّ امتناعًا من اتخاذه ولدًا ذكورًا. وجَعْلُ


(١) المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام ١١/ ٣٨٩.
(٢) انظر: صحيح البخاري, كتاب الحج, باب وجوب الصفا والمروة ... ٢/ ١٥٨, ح ١٦٤٣, وصحيح مسلم, كتاب الحج, باب بيان أن السعي بين الصفا والمروة ركن ... ٤/ ٦٩ - ٧٠, ح ١٢٧٧.
(٣) لم تظهر الكلمة في الأصل.