للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليه السلام (١)، وبين مولد عيسى ومولد محمد عليهما الصلاة والسلام نحو ستمائة سنةٍ، فعلى هذا يكون بين عيسى عليه السلام وبين تبديل عمرو بن لحيٍّ نحو مائتي سنةٍ.

ومن تتبَّع تاريخ النصرانية علم أنها لم تكد تمضي مائة سنة بعد رفع عيسى عليه السلام حتى بدَّل جمهورُ أتباعه أشنع تبديلٍ، وظهر بما تقدَّم أن شريعة إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام بقيت محفوظةً في ذريتهما العرب ومن وافقهم حتى بُدِّلت شريعةُ موسى والأنبياء بعده وشريعة عيسى، وكانت آخر الشرائع تبديلًا.

فصل

أما مَن كان من العرب على شريعة إبراهيم قبل تبديل عمرو بن لحيٍّ أو بعده وبقي متمسكًا بها فلا ريب في نجاتهم؛ لأنهم كانوا على شريعة صحيحةٍ لم تُبدَّلْ ولم تُنسَخْ ولم يلزم أهلَها إجابةُ أحدٍ من الأنبياء الذين بُعِثُوا بعد إسماعيل؛ لأنه لم يُبعث أحد منهم إلى ذرية إسماعيل ومن وافقهم في اتباع شريعة إبراهيم.

وقد قدَّمنا أنه إذا بُعث رسول إلى أمة وكانت هناك أمة أخرى على شريعة لم تبدَّلْ لم يلزمها اتباع ذلك الرسول.

وأما عمرو بن لحي ومن وافقه على التبديل وكذا من جاء بعده فاتبعه مع علمه بالتبديل فهؤلاء هالكون لا محالة.

وأما مَن بعد هؤلاء إلى بعثة محمد صلَّى الله عليه وآله وسلَّم فالكلام


(١) انظر: الطبقات الكبرى لابن سعد ١/ ٥٧.