للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عبادة أشخاصٍ لا وجود لها

أما قوم هودٍ، فقوله تعالى حكاية عن هودٍ عليه السلام: {أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ} [الأعراف: ٧١] يدلُّ أنهم كانوا يعبدون أشخاصًا لا وجود لها؛ لما سلف في تفسير آيات النجم (١).

وقال تعالى حكايةً عنهم: [٤٢٨] {قَالُوا يَاهُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ (٥٣) إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ} [هود: ٥٣ - ٥٤].

وهذا يدلُّ أنهم كانوا يعتقدون في آلهتهم نوعًا من القدرة على النفع والضرِّ، وكأنه على معنى أنهم ــ أي: الآلهة ــ يسألون الله تعالى أن ينفع أو يضرَّ، فقد قال تعالى: {فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ (١٣) إِذْ جَاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ قَالُوا لَوْ شَاءَ رَبُّنَا لَأَنْزَلَ مَلَائِكَةً فَإِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ} [فصلت: ١٣ - ١٤].

فقوله: {أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ} ظاهرٌ في أنهم كانوا يعبدون الله تعالى، ولكنهم يشركون به، وابتداء الرسل بهذا يدل على أن المرسَل إليهم لم يكونوا يجحدون وجود الله عزَّ وجلَّ، بل قول المرسَل إليهم: {لَوْ شَاءَ رَبُّنَا لَأَنْزَلَ مَلَائِكَةً} صريحٌ في أنهم كانوا يعترفون بأن الله عزَّ وجلَّ ربُّهم، ويعترفون بوجود الملائكة عليهم السلام.


(١) هذا من القدر الذي لم أعثر عليه من الكتاب. وانظر ما سلف ص ٤٨٢.