في تحقيق معنى كلمة (إله) ومعنى (العبادة) وما يلحق ذلك
لا مفزع للباحث عن حقيقة هاتين الكلمتين إلا إلى كتاب الله عزَّ وجلَّ، وهو القول الفصل والحَكَم العدل، وقد تكرَّرت فيه هاتان الكلمتان كثيرًا، وباستقراء مواضعهما وتدبُّر مواقعهما تنجلي حقيقة معناهما إن شاء الله تعالى.
فأقول: أما إطلاق كلمة (إله) على الله تبارك وتعالى، و (العبادة) على طاعته وكلِّ ما يتقرب به إليه، فأمر لا يحتاج إلى بيان.
وأما غير الله فقد حكى الله عزَّ وجلَّ عن المشركين اتخاذهم بعض المخلوقات آلهة. فمن ذلك:
١) الأصنام. حكاه الله تعالى عن قوم نوح، قال تعالى:{وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا}[نوح: ٢٣]، وفي هذا احتمال؛ لأن المنقول عن ابن عباس وغيره كما في البخاري وغيره: أن هذه أسماء رجال صالحين ماتوا، فمُثِّلت تماثيلهم، وسمّيت بأسمائهم وعُبِدت، وسيأتي إن شاء الله تعالى تمام القصَّة.
والظاهر أن التماثيل إنما عُبدت تعظيمًا للمُمَثَّلين ليقرِّبوا إلى الله زلفى، كشأن قريش في حق الملائكة كما سيأتي إيضاحه إن شاء الله تعالى.
ويبيّنه أن قوم نوح عليه السلام كانوا يعرفون الله عزَّ وجلَّ، فقد قالوا لنوح عليه السلام:{وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَنْزَلَ مَلَائِكَةً}[المؤمنون: ٢٤] ونحو ذلك.