للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[س ٧٩/أ] (٨) الأشخاص المتخيَّلة.

من ذلك ــ والله أعلم ــ قوله عزَّ وجلَّ عن يوسف عليه السلام: {يَاصَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (٣٩) مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [يوسف: ٣٩ - ٤٠].

وقد قدَّمنا أنَّ حصره معبوداتهم في الأسماء ظاهر في أنه لا يوجد منها إلا الأسماء (١).

ومن ذلك ــ والله أعلم ــ ما يشير إليه قوله تعالى لنبيِّنا عليه الصلاة والسلام [س ٧٩/ب]: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ .... قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٦١) قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (١٦٢) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (١٦٣) قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ .... } [الأنعام: ١٥٩ - ١٦٤].

فإنه يدلُّ على أن المشركين كانوا يدعونه إلى أن يتخذ غيرَ الله ربًّا، وقد قدّمنا أنهم كانوا يقصدون بعبادتهم الإناث الخياليَّات التي زعموا أنها بنات الله، وأنها هي الملائكة، وأنه إذا جاء ذكر معبوداتهم غيرَ مُبَيَّن فالأولى أن يُفسَّر بها؛ لأن ذلك هو صريح اعتقادهم، فأما الملائكة فإنما عبدوهم على زَعْم [س ٨٠/أ] أنهم هم الإناث الخياليَّة، ولم يكونوا يقصدون عبادة الشياطين، وأما الأصنام فإنما كانوا يعظِّمونها تعظيمًا لتلك الإناث على أنها تماثيل لها.


(١) انظر: ص ٤١٦.