للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لله عزَّ وجلَّ تماثيل أو تذاكر كما أوحى إليهم الشيطان، ولكنهم تحاشَوْا أنْ يسمُّوها باسمه فسمَّوها أنفسها بهبل ومناف وغير ذلك.

ومما يساعد هذا أنَّ هبل كان عندهم أعلى من غيره، ولهذا قال أبو سفيان يوم أحد: اعْلُ هُبَل، فخصَّه بالذكر في ذلك المقام، فأمر النبيُّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم أصحابه أن يجيبوه: "الله أعلى وأجلُّ" (١). ويظهر أنَّ هذا الجواب يتضمَّن إبطال هُبل، إذا كان وُضع على أن يكون تمثالًا لله عزَّ وجلَّ؛ فإنَّ قوله: "الله أعلى وأجلُّ"، يبيِّن أنه أعلى وأجلُّ مِن أن يُجعل له تمثال، ولهذا عدل أبو سفيان إلى قوله: "لنا العُزَّى ولا عُزَّى لكم"، كأنه يقول: لنا شفيع ولا شفيع لكم. فأمرهم النبي صلَّى الله عليه وآله وسلَّم بأن يجيبوه: الله مولانا ولا مولى لكم [س ١٢٤/أ] أي: أن الله عزَّ وجلَّ نفسه مولانا وناصرُنا ومعينُنا ولا مولى لكم.

خلاصة اعتقاد المشركين في الأصنام

أنها تماثيل وتذاكر للملائكة، وقد يكون فيها تمثال أو تذكار لله عزَّ وجلَّ كما تقدَّم، وأنها أنفسها لا تضرُّ ولا تنفع، وإنما هي ذريعة إلى عبادة مَنْ جُعِلَتْ تمثالًا أو تذكارًا له.

تعظيمهم للأصنام (٢)

كانوا يتمسَّحون بها ويعكُفون عليها ويُضَمِّخونها بالطيب ويتقاسمون بالأزلام عندها ولم أر نقلًا صريحًا في أنَّ المشركين كانوا يسجدون


(١) صحيح البخاري، كتاب المغازي، باب غزوة أحدٍ، ٥/ ٩٤، ح ٤٠٤٣.
(٢) قارن ما هنا بما في ص ٦٣٠.