للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا، والباعث على الخيانة من أنصار الشبهة، والمانع الدنيوي من أنصار الحجة، والحكمة تقتضي أن يكون الابتلاء بحيث تظهر به الخيانة في أيِّ درجةٍ كانت.

[ز ٦] وعلى هذا القياس يكون النظر في الحجج العلمية؛ فالبواعث على الخيانة فيها كثيرة متفاوتة يجمعها كلمة (الهوى)، فقد تَهْوَى القولَ لأن في مقابله مشقَّةً كعدم وجوب الجماعة، أو إخراجَ مالٍ كجواز الحيل لإسقاط الزكاة، أو تحصيلَ مال كجواز العينة، أو شهوةً كاستحلال النبيذ والملاهي، أو موافقةً لهوى مَنْ تُحِبُّ أو مخالفةً لهوى مَنْ تُبْغِضُ كأن يُطَلِّقَ رجلٌ، ثم يَنْدَم فيستفتيك فَتَهْوَىْ عدمَ الوقوع إن كان صديقَكَ، والوقوعَ إن كان بغيضَك.

وقد تَهْوَى القولَ لأنك ترى ذهابك إليه، وانتصارك له يُكْسِبُكَ جاهًا وقبولًا وشهرةً؛ كأن يكونَ موافقًا لهوى الأمراء والأغنياء والعامَّة، وهذا من أَضَرِّ الأهواء وأهدمها للدِّين.

وقد تهواه لأنك ترى في ظهور صحَّته فخرًا لك، وفي ظهور بطلانه غضاضةً عليك، فَتَهْوَى القولَ الذي سبق أن قلتَ به وعرفهُ الناسُ، والقولَ الذي مضى عليه آباؤُك أو مشايخُك أو إمامك، أو أي رجل أو فريق تنتسب إليه؛ لأنك ترى أن ما يثبت لمن تنتسب إليه من مدحٍ بإصابة أو نقص بغلطٍ يَسْرِي إليك.