للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وللخواصِّ من أمته شفاعة ومحبوبيَّة أخرى، فعند ذلك بطل الدين وانقلب الزمان زمان جاهلية فيبعث الله نبيًّا آخر فأنكر عليهم ونهاهم عن وجوه الشرك وبذل في ذلك أشدَّ سعي وأوفر مصادمة.

وأما الدِّين المحمَّدي - صلى الله عليه وسلم - فلا يزال فيه وصيٌّ يحمل الوحي والعلم على وجههما، ولا يكاد يخلط شيئًا بشيء، فإن اتَّبعوه وأصغوا إليه فازوا، وإن نبذوا قوله وراء ظهورهم خابوا، ولا يزال طائفة من أمته قائمين على الحق لا يضرُّهم من [٥٧٧] خالفهم، وكذلك (ولذلك) (١) لا يكون في دينه جاهلية ولا يبعث بعده نبي، والله أعلم بأسراره.

فصل

صدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيث قال: «لتتبعن سنن من قبلكم شبرًا بشبرٍ وذراعًا بذراعٍ حتى لو دخلوا جحر ضبٍّ اتبعتموهم»، قالوا: يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال: «فمن؟» (٢).

إلامَ أصف لك ما أحدثه منافقو أمته من وجوه الشرك، وأغضبوا قلب وصيِّه وضيَّقوا صدر حامل علمه ووحيه، فقد رأينا رجالًا من ضعيفي المسلمين يتَّخذون الأحبار والرهبان أربابًا من دون الله تعالى، ويجعلون قبورهم مساجد، ويحجُّون إلى قبورهم وآثارهم وأتلالهم كما كان اليهود والنصارى يفعلون ذلك، ورأينا رجالًا منهم يحرفون الكلم عن مواضعه، يقولون: الصالحون لله والطالحون لي (٣)، كما قالت اليهود: {لَنْ تَمَسَّنَا


(١) التصحيح من المؤلف.
(٢) قد تقدم سياق الأحاديث في ذلك وتخريجها. [المؤلف]. انظر ص ٢٢٧ - ٢٢٨.
(٣) أي: يهبهم لي ولا يعذبهم, والعبارة وردت في دستور العلماء ٤/ ٤.