للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بنعوت لا [تنطبق] على الملائكة كما نعتت قريش آلهتها بأنهم بنات الله [تعالى الله عن ذلك] , ولعلَّهم كانوا يزعمون الأنبياء عليهم السلام بتلك الصفة التي تخيَّلوها كما هو شأن قريش، وكذلك المصريُّون القدماء على ما يأتي. (١) /وجاء في الآثار أنهم كان لهم أصنام، فإذا صحَّ هذا فإنَّ تلك الأصنام كانوا يتخذونها تماثيل لتلك الأشخاص، كما هو حال جميع المشركين، كما مرَّ في قوم نوح، وكما يأتي في غيرهم.

ويدلُّ عليه هنا أن الله عزَّ وجلَّ أخبر عن مجادلة هودٍ لقومه في الأشخاص المتخيّلة أعني قوله: {أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ}، ولم يذكر شأن الأصنام لأنها إنما كانت تبعًا لتلك الأشخاص، والله أعلم.

خلاصة اعتقادهم: يعتقدون وجود أشخاص علوية ينعتونها بنعوت لا تنطبق على الملائكة, ويقولون: إنها تتصرَّف في الكون بقدرة ممنوحة لها من الله عزَّ وجلَّ، ولا تفعل إلا ما يرضاه، وإنها تقرِّب إليه، ويظهر أنهم كانوا يَدْعون تلك الأشخاص ويتضرَّعون إليها ويسألون منها حوائجهم، ويعتقدون أن ذلك من الدِّين الذي يرضاه الله عزَّ وجلَّ، وإذا صحَّ ما جاء في الآثار فيضاف إلى هذا أنهم كانوا يعتقدون أن تعظيم الأصنام يقرِّب إلى أولئك الأشخاص الذين هي تماثيل لهم، وأنَّ ذلك من الدِّين الذي يقرِّب إلى الله عزَّ وجلَّ.


(١) ورقة محبوكة بدبُّوس صغير, ولعلَّ ذلك من المؤلف, ولها ظهر ووجه.