للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فمعناه: شركًا في ماء الذوب، والشرك فيه بمعنى الشريك (١). وكذلك الإشراك، لم أر في كلامهم: أشركت فلانا بفلان، بمعنى: جعلته شريكا له، فكأن الشرك بالله والإشراك به ضمِّنا معنى الكفر فعدِّيا بما يعدَّى به، ولا يظهر معنى لأن يضمّن الإشراك مع الشيطان الكفرَ بالشيطان.

ثم رأيت الشيخ عز الدين بن عبد السلام قال في "كتاب الإشارة والإيجاز إلى أنواع المجاز": "الفصل الثاني والأربعون في مجاز التضمين: .... وله أمثلة: أحدها: قوله {لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ} ضُمِّن {لَا تُشْرِكْ} معنى: لا تعدل، والعدل التسوية، أي لا تسوِّ بالله شيئا في العبادة والمحبة، فإنهم عبدوا الأصنام كعبادته وأحبوها كحبه، ولذلك قالوا في النار: {تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٩٧) إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [الشعراء: ٩٧ - ٩٨]. وما سوَّوهم به إلا في العبادة والمحبة دون أوصاف الكمال ونعوت الجلال" (٢).

فإن قيل: فلماذا لا تكون الباء للمصاحبة؟

قلت: قولهم: إن باء المصاحبة بمعنى (مع) فيه تسامحٌ ما فإن بينهما فرقًا ما، وذلك أن (مع) تشعر بأن ما بعدها متبوع, تقول: ذهب الطفل مع أمه، أو ذهبت المرأة ومعها طفلها، أو طفلها معها؛ فإن قلت: ذهبت المرأة مع طفلها، لم يحسن إلا إذا كان ذهاب الطفل هو المقصود، وذهاب الأم تبع له، تدبّر. والباء بعكس ذلك أعنى أن ما بعدها هو التابع، تقول: ذهبت المرأة بطفلها، أي ذهبت هي وذهب تبعا لها. قال تعالى: {وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ


(١) انظر شرح القاموس مادة (ش ر ك). [المؤلف]
(٢) الإشارة ص ٥٤ - ٥٥. [المؤلف]