للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ} [المائدة: ٦١] والكفر تبع لهم في الدخول والخروج، ولا [٣٣١] يحسن أن يقال: دخل الكفر بهم وخرج بهم، على أن تكون الباء للمصاحبة، ولو كان بدل الباء (مع) لكان وجه الكلام: دخل الكفر معهم وخرج معهم. فتدبَّر فإنه لا يخلو عن دقَّة.

إذا عرفت ذلك فالأصل في العبادة أن تكون لله عز وجل، والمشركون يشركون معه غيره كأنهم تبع، فيحسن أن يقال: أشركوا غيره معه، ولا يحسن أن يقال: أشركوه مع غيره. فلو كانت الباء التي تجيء مع الإشراك للمصاحبة لكان حق الكلام أن يقال: لا تشرك الله بغيره.

فإن قلت: فعلى ما اختاره ابن جرير وما قاله ثعلب، لا يكون في الآية ذكر لعبادة الشيطان، وأنت إنما أوردتها شاهدًا على ذلك.

قلت: ولكن في النقول التي سردناها ما يحصل به المقصود من أن المشركين كانوا يعبدون الشيطان، ويُعلم ذلك من قوله تعالى: {إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} فإنَّ تقديم المفعول يفيد الحصر كما في {إِيَّاكَ نَعْبُدُ}، فالمفهوم حينئذ: أنَّ مَن لم يفعل ما أُمر به فقد عبد غير الله تعالى، والمعنى أنه عبد الشيطان على ما تقدَّم في آيات الأنعام.

[٣٣٢] وقال الله تبارك وتعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا (٥٠) مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا (٥١) وَيَوْمَ يَقُولُ نَادُوا شُرَكَائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ مَوْبِقًا} [الكهف: ٥٠ - ٥٢].