للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قدَّمناه أنهم كانوا يزعمون أنهم الملائكة، ولكنهم ينعتونهم بنعوتٍ لا تنطبق على الملائكة، وأما ما قاله أولئك المؤرِّخون أنهم إنما كانوا يعبدون الله عزَّ وجلَّ ولكنهم يعدِّدون صفاته فيعبدونه بعنوان كونه مجري الشمس مثلًا ونحو ذلك؛ فهذا تخرُّصٌ قد يكون تأويلًا لبعض حكمائهم، والحقُّ ما قدَّمناه أنهم كانوا يعبدون الملائكة، ثم يعبدون المحسوسات على أنها رموزٌ للملائكة.

وأما قول الشيخ طنطاوي: إن القوم لم يكونوا يعبدون الله تعالى ولا يذكرون اسمه, فهذا لا ينطبق على حالهم في عهد إبراهيم عليه السلام، ثم في عهد يوسف؛ فقد دلَّ القرآن والسنَّة كما ــ سلف ــ على أنهم كانوا يعبدونه ويسمُّونه, وكذا ما مرَّ عن البلاغ يدلُّ على ذلك، إلا أنه يُحتمَل أنهم فعلوا ذلك بعد يوسف عليه السلام، ويؤيِّد هذا ما يأتي في حالهم في عهد موسى عليه السلام.

[٤٣٨] المصريُّون في عهد موسى عليه السلام

قال الله تبارك وتعالى في فرعون: {فَكَذَّبَ وَعَصَى (٢١) ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى (٢٢) فَحَشَرَ فَنَادَى (٢٣) فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى} [النازعات: ٢١ - ٢٤].

وقال عزَّ وجلَّ: {وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَاأَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَاهَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ} [القصص: ٣٨].

وقال سبحانه: {فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولَا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (١٦) أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ (١٧) قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ (١٨) وَفَعَلْتَ