[س ٩٩/ب] ولما سألهم إبراهيم سؤال مسترشد، وذلك قبل أن يظهر خلافه لهم كما تقدَّم في ذكر الكوكب والشمس والقمر, أجابوه بما يفيد أنهم لا يعتقدون أنها تسمع أو تنفع أو تضرُّ، وإنما وجدوا آباءهم كذلك يفعلون.
ويحتمل أن يكونوا قد جهلوا ما حمل أسلافهم على توجيه الدعاء في الصورة إلى الأصنام على ما تقدَّم، أو لم يجهلوه ولكن كانوا مرتابين في فائدته، أو لعلهم ذكروا ذلك فانتقل بهم الخليل إلى الكواكب كما تقدَّم، وطُوِيَ ذلك في بعض الآيات، فالله أعلم.
[س ٦٢/أ] فصل
وقد بقيت ألفاظ أُخر نسبها الله عزَّ وجلَّ إلى المشركين في حقِّ من اتخذوه من دون الله تبارك وتعالى، وهي بمعنى التأليه والعبادة.
منها: الدعاء واتخاذهم شركاء وأربابًا وأندادًا.
وقبل ذكر مواضعها من الآيات التي ذُكرت فيها نبين أنها بمعنى التأليه والعبادة، فأقول: أما الدعاء فالأصل على ما قاله أهل اللغة: النداء، وفرَّق بينهما الراغب (١) بأن الغالب في النداء هو ما يكون معه حرف النداء، والدعاء بخلافه.
وفي هذا الفرق نظر، فقد سمى الله تعالى الأذان نداء، فقال تعالى:{وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ}[المائدة: ٥٨] , وقال:{إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ}[الجمعة: ٩]، ومواضع كثيرة في القرآن جاء فيها لفظ النداء مفسَّرًا بكلام ليس فيه