عظيمٌ على السجود فسجد، لم يُفِدْه ذلك ظاهرًا ولا باطنًا. والسرُّ في ذلك: أنَّ سبب الكفر ها هنا ليس محصورًا فيما يدلُّ عليه السجود من الاعتقاد في الشمس، بل له وجه آخر وهو الإقدام على ما عُلم أنه في حكم الشرع كفرٌ، فالإقدام عليه بغير إكراهٍ دليلٌ واضحٌ على رضاه بأن يكون كافرًا، وسيأتي لهذا مزيدٌ إن شاء الله تعالى.
وإذا علمت أن المقصود الحقيقيَّ هو الاستمرار على مقتضى الشهادة حتى لا يقع من الشاهد ما ينقضها علمت أنه لا بدَّ من معرفة معناها؛ إذ مَن لا يعرف معناها لا يؤمَن عليه أن يقع فيما ينقضها، وهذا بغاية الوضوح.
[ب ١٠] شبهةٌ وجوابها
فإن قيل: أفلا يكفي الإنسان أن يكون معترفًا بصدق الرسول في جميع [١٤] ما جاء به مصدِّقًا به مسلِّمًا راضيًا ملتزمًا العمل بموجَب ذلك عازمًا عليه، فلما سمع كلمة أن لا إله إلا الله وعلم أنَّ الرسول جاء بها اعترف بها وصدّق وسلّم ورضي والتزم وعزم على العمل بموجَبها مع جهله بمعناها كما يكفيه نحو هذا في الآيات القرآنيَّة والأحاديث المتواترة، وإذا وقع منه عملٌ يخالف موجَبها عُذِرَ بالجهل؟
قلت: الأدلَّة التي قدَّمناها صريحةٌ في أن المطلوب في الشهادة الاعترافُ والتصديق والتسليم والرضا والالتزام والعمل بالموجَب على وجه التحقيق في كلِّ واحد منها، وذلك لا يكون إلا مع العلم بالمعنى كما قدَّمنا. فأمَّا حصول هذه الأمور بمجرَّد خبر المعصوم مع جهل المعنى، فلا يكون على وجه التحقيق كما هو ظاهر. وقد يجمع الجاهل بالمعنى بين الاعتراف بلا إله إلا الله على الوجه المذكور وبين الاعتراف بما يناقض معناها، أعني