للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بحق، ويلزم منه أنه مستغنٍ عن كلِّ ما سواه، ومفتقر إليه كلُّ ما عداه ... فتفسير السنوسي الذي ذكره في الصغرى باللازم لا بالحقيقة» (١).

أقول وأسأل الله التوفيق: أما وجوب الوجود فالأمم كلُّها لا تشرك فيه حتى الثنويَّة، والنقل عنهم مضطرب، وغالبهم يقول بحدوث الذي يقولون بأنه خالق الشر، ومَن قال منهم بقدمه فالقِدَم عندهم لا يستلزم وجوب الوجود.

وفي نهاية الإقدام للشهرستاني المطبوع بإسلامبول: «القاعدة الثالثة في التوحيد ... وهذه المسألة مقصورة على استحالة وجود إلهين يثبت لكلِّ واحدٍ منهما من خصائص الإلهية ما ثبت للثاني، ولست أعرف صاحب مقالة صار إلى هذا المذهب؛ [١١٤] لأن الثنويَّة وإن صارت إلى إثبات قديمين لم تثبت لأحدهما ما ثبت للثاني من كلِّ وجه. والفلاسفة وإن قضوا بكون العقل والنفس أزليَّيْن، وقضوا بكون الحركات سرمديَّة, لم يُثْبِتُوا للمعلول خصائص العلَّة, كيف وأحدهما علّة والثاني معلول. والصابئة وإن أثبتوا كون الروحانيين والهياكل أزليَّة سرمديَّة (٢) مدبِّرة لهذا العالم وسمَّوها أربابًا وآلهة فلم يثبتوا فيها خصائص رب الأرباب. ودلالة التمانع في القرآن مسرودة على من يُثْبِت خالقًا من دون الله سبحانه وتعالى, قال الله تعالى: {إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ} [المؤمنون: ٩١]. وعن هذا صار أبو الحسن [الأشعري] رحمه الله إلى أنَّ أخصَّ وصف الإله هو القدرة على


(١) حواشي البيجوري على الجوهرة ص ٦٨. [المؤلف]. وانظر: أم البراهين ضمن مجموع المتون ٧ - ٨.
(٢) سيأتي في عبارة الشهرستاني نفسه في الملل والنحل أنَّ القوم لم يعتقدوا قِدَم الروحانيات. [المؤلف]