للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صورهم في مؤخَّر المسجد، فنقصت الأشياء حتى تركوا عبادة الله تعالى وعبدوا هؤلاء, فبعث الله تعالى نوحًا عليه السلام فدعاهم إلى عبادة الله [س ٥٥/ب] وحده وترك عبادتها, فقالوا ما قالوا.

وأخرج ابن أبي حاتم عن عروة بن الزبير أن وَدًّا كان أكبرهم وأبرَّهم، وكانوا كلهم أبناء آدم عليه السلام.

وروي أن وَدًّا أوّلُ معبود من دون الله سبحانه وتعالى.

أخرج عبد بن حميد عن أبي مطهر قال: ذكروا عند أبي جعفر يزيدَ بن المهلب فقال: أما إنه قتل في أوّل أرضٍ عبد فيها غير الله تعالى. ثم ذكر وَدًّا وقال: كان رجلًا مسلمًا وكان مُحبَّبًا في قومه, فلما مات عسكروا حول قبره في أرض بابل وجزعوا عليه, فلما رأى إبليس جزعهم تصوّر في صورة إنسان ثم قال: أرى جزعكم على هذا، فهل لكم أن أصوِّر لكم مثله فيكون في ناديكم فتذكرونه؟ قالوا: نعم، فصوَّر لهم مثله فوضعوه في ناديهم، فجعلوا يذكرونه به. فلما رأى ما بهم من ذِكْرِه قال: هل لكم أن أجعل لكم في منزل كلِّ رجلٍ منكم تمثالًا مثله، فيكون في بيته فيذكر به؟ فقالوا: نعم، ففعل، فأقبلوا يذكرونه، وأدرك أبناؤهم فجعلوا يرون ما يصنعون به، وتناسلوا ودرس أمر ذكرهم إياه حتى اتخذوه إلهًا يعبدونه من دون الله، فكان أوَّلُ مَنْ عُبِدَ غيرَ الله تعالى في الأرض وَدًّا" (١).

[س ٥٤/أ] أقول: والقرآن يدل أن قوم نوح لم يكونوا ينكرون وجود الله عزَّ وجلَّ. يدلُّ عليه قول الله عزَّ وجلَّ: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ


(١) روح المعاني ٢٩/ ٧٧. وانظر: الدرّ المنثور ٨/ ٢٩٣ - ٢٩٥.