للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المحلوف به إجلالَ المعبود، وهذا لا يليق بمخلوق، وظاهر حال الحالف بذلك أنَّه يعتقد استحقاق المحلوف به لذلك، وعليه فقد اعتقد فيه من التعظيم ما يعتقده في الله من استحقاق العبادة؛ لأنَّه إذا اعتقد استحقاقه أن يُجَلَّ إجلال المعبود فقد اعتقد استحقاقه العبادة. وهَبْ أنَّه لم يعتقد ذلك, فقد يظهر أنه لا ينفعه، كما مرّ آنفًا في الحلف من الضرب الأول. والله أعلم.

وفي الدُّرِّ المختار من كتب الحنفية: «قال الرازي (١): أخاف على من قال: بحياتي وحياتك وحياة رأسك أن يكفر، ومن اعتقد وجوب البِرِّ فيه يكفر، ولولا أنَّ العامة يقولونه ولا يعلمونه لقلت: إنه شرك. وعن ابن مسعود: لأن أحلف بالله كاذبًا أَحَبُّ إليَّ من أن أحلف بغيره صادقًا». وفي حاشيته ردِّ المحتار: «وفي القهستاني عن المُنْيَة: أنَّ الجاهل الذي يحلف بروح الأمير وحياته لم يتحقَّق إسلامه بعدُ» (٢).

أقول: الأثر الذي ذكره عن ابن مسعود ذكره في فتح الباري، وذكر مثله عن ابن عباس وابن عمر والشعبي (٣).


(١) هو علي بن أحمد بن مكي، حسام الدين الرازي، سكن دمشق، وكان فقيها فاضلًا يفتي على مذهب أبي حنيفة، له: «خلاصة الدلائل» في شرح القدوري، توفي بدمشق سنة ٥٩١ هـ. انظر: تاج التراجم ١٤٩ رقم ١٦٧.
(٢) رد المحتار ٣/ ٥٧ - ٥٨. [المؤلف]
(٣) انظر: فتح الباري ١١/ ٤٢٩. [المؤلف]. وأثر ابن مسعود أخرجه عبد الرزاق في المصنف, كتاب الأيمان والنذور, باب الأيمان ... , ٨/ ٤٦٩, ح ١٥٩٢٩. وابن أبي شيبة في كتاب الأيمان والنذور, الرجل يحلف بغير الله أو بأبيه, ٧/ ٥٤٩, ح ١٢٤١٤. والطبراني في المعجم الكبير ٩/ ٢٠٥, ح ٨٩٠٢. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد ٤/ ٣١٨: (ورجاله رجال الصحيح).