للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأحاديث المصرِّحة بأنَّ الحلف بغير الله تعالى شرك مطلقًا. والله أعلم.

وذكر الحافظ في الفتح الاختلافَ في النهي أللتحريم هو أم للكراهة؟ ثم قال: «فإن اعتقد في المحلوف به (١) من التعظيم ما يعتقده في الله حرم الحلف به، وكان بذلك الاعتقاد كافرًا ... , وأمَّا إذا حلف بغير الله لاعتقاده تعظيم المحلوف به على ما يليق به من التعظيم فلا كفر بذلك» (٢).

أقول: لم يرد بقوله: (ما يعتقده في الله) أن يعتقد أنَّ المحلوف به واجب الوجود أو أنه خالق رازق مدبِّر استقلالًا ونحو ذلك؛ لأنَّ الشرك يحصل بدون هذا الاعتقاد قطعًا كما تقدَّم تحقيقه، بل المراد ما يعتقده في الله من استحقاق العبادة. وقد علمت أنَّ القَسَم من الضرب الأول عبادة, فإذا وقع بغير الله عزَّ وجلَّ فإن كان مما أنزل الله تعالى به سلطانًا فهو عبادة لله عزَّ وجلَّ وإلَّا فهو عبادة للمحلوف به، فكيف والمحلوف به لا يستحقُّ هذا التعظيم.

[٧٣٨] وبهذا يُعلم أنَّ قول الحافظ: «على ما يليق به من التعظيم ... (٣) المحلوف به أنه يستحق أن يحلف به، ولا اعتقد أنَّ الحلف به سبب لنفع غيبِي، وهذا نظير السجود للشمس، وقد تقدَّم الكلام فيه. والله أعلم.

وأمَّا ما عدا الضرب الأول فقد تقدَّم أنَّ من ذلك ما يُفْهِمُ إجلال


(١) في النسخة: له.
(٢) فتح الباري ١١/ ٤٢٥ - ٤٢٦. [المؤلف]
(٣) أصاب بلَلٌ نحو سطرين, وظهر منهما: ( ... ثم إذا كان الظاهر في الـ ... الضرب الأوَّل ... النفع ... ).