للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أقول: والكلام عليها كالكلام على اللات.

وأما مناة، فقيل: صخرةٌ كانت لهذيلٍ وخزاعة (١)، وعن ابن عبَّاسٍ: لثقيف (٢)، وعن قتادة: للأنصار بقديدٍ (٣)، وقال أبو عبيدة: كانت بالكعبة أيضًا (٤).

أقول: ويجمع بالتعدُّد أيضًا، والكلام عليها كما مرَّ (٥).

فالعرب إنما كانوا يعظمون هذه الأصنام الثلاثة تعظيمًا لأشخاص معظَّمين، وليست هذه الأصنام إلا تماثيل أو [٢٩٩] تذكارات لأولئك الأشخاص كما هو شأن عَبَدَة الأوثان في كلِّ أمة، وبذلك صرَّح المحققون كما علمت مما تقدَّم وإن لم ينصُّوا على شأن العرب خاصَّة.

ومما يؤيِّد هذا ما ذكره الفخر الرازي في تفسير قول الله عزَّ وجلَّ: {أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلَا يَعْقِلُونَ (٤٣)


(١) قاله الضحَّاك. انظر: تفسير البغوي ٧/ ٤٠٨، زاد المسير ٨/ ٧٢.
(٢) ذكر ذلك الزمخشري في الكشاف ٤/ ٣٩، وأبو حيَّان في البحر المحيط ٨/ ١٥٢، والآلوسي في روح المعاني ٢٧/ ٥٥.
(٣) انظر: تفسير عبد الرزاق ٢/ ٢٥٣، وزاد المسير ٨/ ٧٢، والدرّ المنثور ٧/ ٦٥٣.
وفي تفسير ابن جرير ٢٢/ ٥٠، وتفسير البغوي ٧/ ٤٠٨ عن قتادة: أنها لخزاعة، وكانت بقديدٍ. ويمكن الجمع بينهما بما قاله ابن كثيرٍ: "وأما مناة فكانت بالمُشَلَّل عند قُدَيدٍ بين مكة والمدينة، وكانت خزاعة والأوس والخزرج في جاهليتها يعظمونها، ويُهلُّون منها للحجِّ إلى الكعبة". تفسيره ٧/ ٤٣١.
(٤) مجاز القرآن ٢/ ٢٣٦.
(٥) قريبًا.